الأربعاء، 23 ديسمبر 2020

دراسة نقدية من الناقدة أ.هدى مصلح النواجحة/ لقصيدة الشاعر زياد الشرادقه

دراسة نقدية قيمة من الناقدة الشاعرة/ ام فضل النواجحة
لقصيدة الشاعر/ زياد الشرادقه

قراءة أدبية في قصيدة الشاعر الدكتور /زياد حمدان الشرادقة
بعنوان ( لسان الضاد حرٌ كالطيور ٍ)
إن من يدخل في عباب اللغة العربية وبالأصح من يقرأ ويتأمل القرآن الكريم يفخر كونه مسلم عربي , ويفتخر بتاج الوقار والفخار الذي أكرمنا به الله عز وجل. والكل – يعلم أن شرف عربيتنا ؛أن القرآن نزل بها مؤازرة للنبي الأمي , وحجة وبيان على صدق نبوته . فهو الإعجاز الإلهي على أمة تفتقت بلغتها القوية المهيبة الرصينة التي كثرت ألفاظها ونمت , فهي شجرة بل دوحة غناء دائمة الخضرة لا ينقطع ثمرها فتأتي به في كل حين .
والآن نحن بصدد قصيدة تربعت في حضن عنوانها الذي جاء جملة خبرية اسمية , وجعل فيها المجاز والدلالة القوية. إذ يقول لسان الضاد فقد جعل للحرف لسان منطلق التعبير والكلام والبيان , وأضافها للضاد أحد حروف اللغة العربية الثمانية والعشرين , التي تنفرد بحرف الضاد ضمن حروفها .وينفرد بمقامه في اللغة العربية دون سائر اللغات العالمية ,فنسبت اللغة للضاد . وقد شبه الشاعر هذه اللغة بالطيور التي تعشق الحرية والانطلاق فلا يوجد من يعيقها في توجهها وحركتها وجمال منظرها وشقشقتها, فتختلف أصوات حروفها كما تختلف أصوات الطيور .وقد حقق النجاح في هذا التشبيه بدون تكليف .
وحال ولوج القصيدة المكونة من ثمانية أبيات خرجتْ عليَّ روائح الأصالة والعبق. فقد كساها الله لا البشر بثوب من حرير تشبيه بليغ يسرها على أمة العرب ,ولجمال ألفاظها ورقتها فهي كالحرير جمالاً بألوانه , ولنعومة في ملمسه مستساغ ومستحب الارتداء ,علاوة على متانته وديمومته فلا يبلى بالتقادم ,والحرير هو لبس أهل الجنة واللغة العربية لغة أهل الجنة . وأقول إن الشاعر وفق في تشبيه .
لسان الضاد حرٌ كالطيور ِ فلا يبلى على مر العصور
وهنا يفصح عن مصدر هذا الحرير فهو نور لأنه مستمد من القرآن و يوضح الشاعر العلاقة الإلهية وسببها فهي لغة القرآن لذلك فهي خالدة كما الأقمار التي لا تفارق بنورها الأرض ولضرورة شعرية وظف بدور بدل البدر, أو ربما أراد أن كل حرف يمثل بدراً.وأرى خللاً في تشكيل لفظة (نورٌ ) لأنها مفعول به مقدم وكذلك مخلدة ٌ .بإمكان الشاعر تصحيحهما .
من القرآن نورٌ قد كساها مخلدةٌ بروح ٍ كالبدور
وبعد أن كساها الله وألبسها وزانها ونورها ,وتتكاثر يسقيها لتنمو بالقرآن وهنا أيضاً صورٌ متداخلة فقد شبه اللغة بالأرض التي سقيت فجملت بالنمو والتكاثر والاخضرار وقد شبه الإيجاز والإعجاز بالماء الأرض وقد شمل الصورة وأتمها في الظرفية (حتى الجذور).
بإيجاز ٍ وإعجاز ٍ سقاها جمالاً ساحراً حتى الجذور
وفي البيت الرابع يعقد الشاعر المقارنة بيت لغة الضاد ولغات العالم ؛فهي تتفوق في عطرها .وفي سؤال تقريري تهكمي يجعل المقارنة كما رائحة الثوم ورائحة العطور . والجميع يدرك الفرق .
لغاتُ الأرض ما بلغت شذاها وهل للثوم ِ رائحة العطور ِ
في البيت الخامس سار الشاعر بمنطق سليم إلى أن وصل بغاة الطير آكلة النسور . البغاة طائر ضعيف طويل الرقبة كثير التفريخ يأكل ما هو ضعيف والنسر عنوان القوة في الفضاء فكيف تأكله بغاة الطير ؟ حبذا لو وضع تأكلها النسور مع مراعاة المعنى
لكنه يعني لا يوجد في لغتنا ما يثقل عليها أو يضعفها ويسيء إلى قوتها وجمالها .
ولا يوماً تحلق في سماها بغاتُ الطير ِ آكلة النسور
وفي البيت السادس يتحث عن تفوق اللغة العربية بعدد حروفها وكثرة مفرداتها التي تمثل الثروة اللغوية عما سواها من اللغات فهو يوعز بعجز اليدين على حين ان اللغة العربية منطلقة في كثرة مفرداتها وتفوّق قاموسها وكثرة جمالياتها , كما ذكرنا آنفاً ويجيد التشخيص ففي الشطر الأول يشخص فيجعل للغات أيدي. لكن كان على الشاعر ألا يخل بتطابق الأسماء من حيث الإفراد والتثنية والجمع .فعليه أن يقول أيديها لأن اللغات جمع . كذلك يثني على العربية بأنها متمكنة وكثيرة الأحرف المزركشة بأصواتها ومخارجها فجاء بالتشبيه أعتبره غير مثقل على القصيدة.
  لغاتُ الكون ِ عاجزةٌ يداها      لسانُ الضاد ِ حرٌ كالطيور ِ  
وفي البيت السابع تضمين من القرآن الكريم (فأسقيناكموه ) سورة الحجر , آية 22وجاءت الآية (فأنزلنا من السماء ماءً فأسقيناكموه ) فجعلها كالغيث الصيب النافع وقد قام بالحذف , فلم يأت بالآية واكتفى بإشارتها لكنه أوضح أن الغيث من الله من العلا فينزل إلى القيعان الذي أشار إليه بكلمة بطن البحور وتشخيص آخر فقد جعل للبحور بطن واحد ربما أراد به القعر الممتد تحت الأرض . وإلا يجب ان يجمع بطن بطون.وقد جعل الحرية للماء الذي نزل بإرادته في بطن البحور
            فأسقيناكموه ففي علاها         كغيث ٍ حط في حضن البحور 
وفي البيت الثامن والأخير يتوصل الشاعر إلى أحقية اللغة العربية بالتتويج من قبل اللغات الأخرى ويرقص السرور حولها الذي شخصه بالإنسان او بالطائر .
فحقُ لها يتوجها .
       فحق لها يتوجها سواها          ويرقص حولها كلُ السرورُ

افتتح الشاعرمعظم أبياتها بالجمل الاسمية أو الظرفية ليدلل على استمرارية الحكم على اللغة العربي في تكريمها وتعظيمها وتفردها بين اللغات .
القصيدة يسرة الألفاظ ليس بها الغريب ولا حوش الكلام 
كُبت على البحر الوافر الغنائي الجميل برائية  متكررة ومزغردة . 
وقد أنجبت الموسيقى الداخلية المنسجمة مع القصيدة .
وقد أجاد التصريع في البيت الأول بين ( حرير , وعصور ) .
أشكر الشاعر عل ما كتب ومدح في لغتنا لغة القرآن , إن شاء الله في ميزان حسناته .
مع خالص أمنياتي بالتوفيق .
أ. هدى مصلح النواجحة 
أم فضل 
23 /12/2020

اليكم نص الشاعر

لسان الضّاد حرّ كالطّيور
////////////////////////////

حباها اللّه ثوبا من حرير
فلا يبلى على مر العصور

من القرآن نور قد كساها
'مخلّدة بروح كالبدور

بإيجاز وإعجاز سقاها
جمال ساحر حتّى الجذور

لغات' الكون ما بلغت شذاها
وهل للثّوم رائحة العطور 

ولا يوما 'تحلّق في سماها
'بغاث الطّير أكل للصّقور

لغات' الكون عاجزة يداها
لسان'  الضّاد  حرّ كالطّيور

بصدر واسع  ها   قد  حواها
كبستان يحن'ّ  على  الزّهور

((فأسقيناكموه )) ففي 'علاها
 كغيث حطّ في حضن البحور

فحُقّ لها 'يتوّجها سواها
ويرقص حولها كلّ السّرور

الاديب والشاعر
الدكتور زياد حمدان الشرادقه
الاردن اربد سموع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق