الجمعة، 10 أبريل 2020

أمرأة من بلادي 
(ملحمة شعرية)(*)
***
ألملمُ بقاياي ، 
هذا هو القدر 
إن الموت لا يذر
أصعدُ من ليل السجون 
أنتظر خيلي وفرسان المطر 
تخضلّ أشجار النخل
والتين والزيتون ، 
وخبزنا الأسمر 
يشرق في الظلال 
على أديمه عصرتُ الجرح 
(على كفّ أخضبها
مما أحتوى القلب 
موجوعاً واعتصر)
عيونك يا ابنة هذي الأرض
توضأتْ بماء الجراح 
أضاءتْ أجنحة المداخل
واستقتْ بالعفة طل الصباح 
عيوني أوغلت في وهج الضوء 
حتى توحّدتُ 
في الزمن المتهدج
فتوقفتُ في أول الخوف
ثم ضحكتُ ، وغنيتُ
أناشيد الخلاص ساعة السحر 
***
الأشجار الساكنة 
في هجير الصيف عطشى 
وهي مازالت جرداء
ثمنها في المزادات الحمراء 
كأس وابتسامة 
من ثنايا غانيةٍ 
تتمطى فوق أحزان القمر
الأشجار الخضراء
الساكنة بين أكواخ المآسي
والصفيح الأعمى
تآمر عليها حراس الغابات 
وفرسان الضباب 
أشجارنا المتقاعدة 
منذ آلاف الحسرات
رأيتها تهاجر
في صباح يوم حزين
على عربات الحطابين
***
مذ كان المجد مهري
كانت أناشيد البطولة 
تزرع الأقمار في كبد السماء
وكنت أنا راحلٌ لشروقٍ
كوجهك في أطياف المساء 
كان عصر الحنين 
يشعّ شمساً وكوكباً وضاء 
حتى خرجتُ ذات يومٍ
مبتهجاً من رصيف البكاء 
***
ذات صباحٍ مشرق
أقبلت امرأة من غرب الوادي 
قمرٌ يتوهج بالأوجاع 
شمعةٌ تلهث بالنور 
توضأتْ بماء الورد وشهد الزلال
ثم رتّلت أهازيجها 
على مسمع العصور 
يتمتم الودقُ في ليلها
يملأ نفسها يقظةً بالزمان تدور
صلّت عند سارية حلم ٍ
تجسّد في تيهها
ثم زوقتهُ كالنار ملء عروقها
حرّمتْ على نفسها
بهارج الترف النضير 
ثم دعت إلى ترحالٍ صبور 
هو أسمى من فتات الماضي
وترفِ الحاضر العقور 
ترحال موشوم بالأمل الزاهي واستشراف المستقبل المنير 
(امرأة تأخذ شكل بلادي)
يداعبها زمن الحب الطهور 
يعاقرها الشوق ، ورسم القبلات 
على الأزقة والطرقات 
امرأة تتوهج بتراب أرضها
وأخضرار النجمات والبدور 
امرأة تعفّ الثرثرة العقور
وإن سال منها شهدٌ أو عبير
لا يغريها جمالٌ ، 
وإن صيغ من مرمرٍ أو حرير 
رعاها الله، أخت العرب 
وهي ترفّ بالأماني 
على سدرةٍ عَطور
تُحلي مآقيها ، 
تضمدُ بالحنين جراحها
تُشيّع الحزن إلى مثواه 
بالدمع الصبور 
*******
(*) القصيدة مُحَدّثة
عبدالوهاب الجبوري
العراق في 2020/4/9

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق