الجمعة، 12 أكتوبر 2018

حيّا على الفلاح *""""""""""""""""""* بوجه شاحب وخطى شريدة كان يتخبط في الشارع مقتحمآ ظلمة الليل كشبح.. أستوقفته قدميه بجانب عمود نور لايحمل لمبة إضاءه ..دس يده في جيب معطفه فأخرج سيجارة ووضعها في فمه ثم دس يده الاخرى في الجيب الاخر فلم يجد قداحته ..إشتعلت بداخله نيران الغضب ورغبته الشديدة في التدخين ، فألقى بكتفه متكئآ على عمود النور .. بدأ وكأن ثمة شيء ما يجمعهما ..عمود النور يفتقد لمبة الاضاءة وهو يفتقد البصيرة و قداحته!! رمى سيجارته لتسحقها قدميه ، وأطلق تنهيدة أقل مايمكن أن تعنيه..المأساة !! مأساة لايستطيع الإنفكاك منها ..ورغم الصقيع كانت قطرات العرق ترسم لها طريقا متعرجآ بين ملامح وجهه الكئيب..والريح تصفر في أذنيه وتصفعه بأوراق الشجر اليابسة ..كأنما الزمن توقف هنا بينما أنفاسه كانت في تسارع محموم !! دس يده في جيبه مرة أخرى عله يجد قداحته ولكن عبثآ ..نكرة هو وعاجز لا شيء يمكنه فعله ..هكذا أحس في أعماقه !! إغرورقت عينيه بالدموع منذرة بوابل من مطر شديد الملوحة ..وفجأة .. إبتسم !! إبتسامة تجاوزت في معناها الأسى..ثم همس في ذاته .. لست عاجزآ هناك شيء أستطيع فعله !! وأمطرت عينيه بماكانت به حبلى ..نعم بكى ..وبكى ..وجثى على ركبتيه يضرب التراب بقبضتيه حسرة . كان صفير الريح لحنآ موسيقيآ يناغم حشرجات بكاءه..وكان التراب كتابآ يخط عليه قصيدة حزنه بحبر دموعه.. فقد وعيه برهة حتى ظن أنه ربما مات ولم يتبق منه سوى جثتة في التراب لكنه أفاق على صوت مدويآ مزلزلآ جاء يغسل روحه من رجس الأيام وأوجاع الحياة ..صوت دافئآ حنونآ يضمد جراحاته ويشفي دائه ..كان صوت أذان صلاة الفجر!! نهض بجسده المنهك على (حيّا على الفلاح ) ونفض الغبار عن ملابسه ..أدرك أن الحياة كتلك السيجارة التي سحقها بقدميه ..وأن ربه لن يخذله ثم سار بخطى مؤمنه ..الى المسجد .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق