الخميس، 21 نوفمبر 2019

سارية بن زنيم الدؤلي
ــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي - العراق- 19-11- 2- 2019
سارية بن زنيم بن عبد الله بن جابر بن محمية بن عبد بن عدي بن الدائل بن بكر بن عبد مناة بن كنانة الدؤلي. كان خليعًا في الجاهلية أي لصًّا كثير الغارة، وكان يسبق الفرس عدوًا على رجليه ، وكان (حليفًا) في الجاهلية، وكان أشد الناس حضرًا .
ولا نعلم بالضبط متى أسلم سارية، والظاهر أنه أسلم متأخرًا لعدم ورود اسمه بين الصحابة الذين شهدوا بدرًا أو أُحدًا أو الخندق، ولكن موقفه مع أسيد بن أبي أناس يدل على أنه أسلم قبيل الفتح.
فموقفه مع أسيد بن أبي أناس يدل على حرصه على أن يؤمن كل الناس، فإنه لما قدم على رسول الله وفد بني عبد بن عدي ومعهم رهط من قومهم، فذكر قصتهم مطولة، وفيها قالوا: إنا لا نريد قتالك، ولو قاتلت غير قريش لقاتلنا معك، ثم أسلموا واستأمنوا لقومهم سوى رجل منهم أهدر النبي دمه يقال له: أسيد بن أبي أناس، فتبرءوا منه، فبلغ أسيدًا ذلك فأتى الطائف فأقام به، فلما كان عام الفتح خرج سارية بن زنيم إلى الطائف فقال له: يا ابن أخي، اخرج إليه؛ فإنه لا يقتل من أتاه. فخرج إليه فأسلم، ووضع يده في يده، فأمّنه النبي 
وقال ابن عساكر له صحبه. 
وقد جاء في سيرته أنه جاء معتذراً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وكان بلغه أنه هجاه فتوعده فجاء معتذراً فأنشد:
تعلم رسول الله أنك قادر....... على كل حي من تهام ومنجد 
تعلم رسول الله أنك مدركي .......وأن وعيداً منك كالأخذ باليد 
تعلم بأن الركب آل عويمر ...... هم الكاذبون المخلفو كل موعد 
ونُبِّي رسولُ الله أني هجوته........ فلا رفعت سوطي إليَّ إذاً يدي 
إلى أن قال:
فما حلمت من ناقة فوق رحلها....... أبر وأوفى ذمة من محمــد 
ويذكر عنه أنه كان في الجاهلية لصاً كثير الغارة وأنه كان يسبق الفرس عدواً على رجليه، ثم أسلم وحسن إسلامه وأمَّره عمر على جيش وسيَّره إلى فارس سنة ثلاث وعشرين، فوقع في خاطر عمر وهو يخطب يوم الجمعة أن الجيش المذكور لاقى العدو وهم في بطن واد وقد هموا بالهزيمة وبالقرب منهم جبل، فقال في أثناء خطبته: يا سارية الجبل الجبل ورفع صوته، فألقاه الله في سمع سارية فانحاز بالناس إلى الجبل وقاتلوا العدو من جانب واحد ففتح الله عليهم. 
ذكر هذه القصة ابن حجر في الإصابة وذكر أنه أخرجها الواقدي والبيهقي في الدلائل واللالكائي في شرح السنة وابن الأعرابي في كرامات الأولياء وكذا ابن مردويه. وهذا الأثر صححه الألباني في السلسلة الصحيحة، وذكر شيخ الإسلام هذه القصة في أكثر من موضع محتجاً بها فهي ثابتة لا مرية فيها وهي كرامة أكرم الله بها عمر وجند المسلمين. 
وقد ذكر ابن كثير أن الله لما أظفر سارية وجنده غنموا شيئاً كثيراً             
فكان من جملة ذلك سقط من جوهر فاستوهبه سارية من المسلمين لعمر فلما قدم الرسول بالخمس على عمر ذكر من قصته أنه جلس مع عمر في بيته فإذا هو لا يأكل إلا الخبز والزيت والملح، ثم إنه قال له: أنا رسول سارية بن زنيم يا أمير المؤمنين، فقال: مرحباً وأهلاً. ثم سأله عن المسلمين ثم سأله عن سارية فأخبره، ثم ذكر له شأن السقط من الجوهر فأبى أن يقبله وأمره برده إلى الجند.
أهم ملامح شخصية سارية بن زنيم :
ـــــــــــــ كان سارية يتحلى بالشجاعة الشخصية النادرة، وقد تجلت هذه الشجاعة في فتح (فسا ودار أبجرد)، كان سريع القرار صحيحه، لماحًا للفرص المناسبة لا يضيعها؛ لذلك أسند عمر بن الخطاب إليه مهمة فتح ولايتين من أهم ولايات فارس.
حادثة "ياسارية الجبل" 
ــــــــــــــ هي حادثة تاريخية ضمن التراث الإسلامي عن القدرة على التخاطر حدثت للصحابي سارية بن زنيم الدؤلي الكناني ببلاد فارس في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب.
وقعت الحادثة حوالي عام 23 هـ/645 م أثناء خلافة عمر بن الخطاب. وتعتبر هذه الحادثة المشهورة في يومنا هذا مثالاً تاريخياً عن القدرة على التخاطر.
وكان سارية أحد قادة جيوش المسلمين في فتوحات بلاد الفرس سنة 645 م/23هـ, وبينما كان يقاتل المشركين على أبواب نهاوند في بلاد الفرس تكاثر عليه الأعداء من الفرس و الأكراد. وفي نفس اليوم كان الخليفة عمر بن الخطاب يخطب يوم الجمعة على منبر الرسول في المدينة، فإذا بعمر ينادي بأعلى صوته أثناء خطبته: "يا سارية الجبل، الجبل يا سارية الجبل، الجبل، ظلم من استرعى الذئب الغنم".
فعجب الناس من مقالة عمر ولم يفهموه ، وبعد انتهاء الخطبة تقدم علي بن أبي طالب نحو عمر وسأله عن هذا الكلام فقال عمر: "والله ما ألقيت له بالاً، شيءٌ أتى على لساني" 
ثم بعد شهر من هذا قدم سارية على عمر في المدينة فقال: "ياأمير المؤمنين، تكاثر العدو على جنود المسلمين وأصبحنا في خطر عظيم، فسمعت صوتاً ينادي: "يا سارية الجبل الجبل، من استرعى الذئب الغنم فقد ظلم", فعلوت بأصحابي الجبل ونحن قبل ذلك في بطن واد ونحن مُحَاصِرُو العدو فما كان إلا ساعة حتى فتح الله علينا".
وفي رواية أخرى قيل أن عمر كان يخطب على مِنْبر النبي محمد يوم الجمعة، فعرض له في خطبتهِ أن قال: (يا ساريةُ، الجبلَ الجبلَ، من استرعى الذئب ظلم). فالتفت الناس بعضهم إلى بعض، فقال علي بن أبي طالب: ليخرجن مما قال، فلما فرغ من صلاته قال لهُ عليّ: ما شيء سَنَح لك في خُطْبتك؟ قال: وما هو؟ قال: قولك: (يا ساريةُ، الجبلَ، الجبلَ، من استرعى الذئب ظلم)، قال عمر: وهل كان ذلك مني؟ قال: نعم. قال: وقع في خَلَدي أن المشركين هَزَموا إخواننا فركبوا أكتافهم، وأنهم يمرون بجبل، فإن عدلوا إليه قاتلوا من وجدوا، وقد ظفروا، وإن جاوزوا هلكوا، فخرج مني ما تزعم أنك سمعته. قال: فجاء البشير بالفَتْح بعد شهر، فذكر أنه سمع في ذلك اليوم، في تلك الساعة، حين جاوزوا الجبل، صوتًا يشبه صوت عمر: يا ساريةُ، الجبلَ الجبلَ، قال: فعدلنا إليه، ففتح الله علينا  وفي أخرى قيل أن سارية بن زنيم الدئلي قصد فسا ودار ابجرد حتى انتهى إلى عسكرهم فنزل عليهم وحاصرهم ما شاء الله، ثم إنهم استمدوا وتجمعوا وتجمعت إليهم أكراد فارس، فدهم المسلمين أمر عظيم، وجمعٌ كثير، وأتاهم الفرس من كل جانب، فرأى عمر فيما يرى النائم تلك الليلة معركتهم وعددهم في ساعة من النهار، فنادى من الغد: الصلاة جامعة! حتى إذا كان في الساعة التي رأى فيها ما رأى خرج إليهم، وكان ابن زنيم والمسلمون بصحراء إن أقاموا فيها أحيط بهم، وإن استندوا إلى جبل من خلفهم لم يؤتوا إلا من وجه واحد. فقام فقال: يا أيها الناس، إني رأيت هذين الجمعين، وأخبر بحالهما. وصاح عمر وهو يخطب: يا سارية بن زنيم، الجبل الجبل! ثم أقبل عليهم وقال: إن لله جنوداً، ولعل بعضها أن يبلغهم. فسمع سارية ومن معه الصوت فلجؤوا إلى الجبل، ثم قاتلوهم، فهزمهم الله وأصاب المسلمون مغانمهم

المصادر
ـــــــــــ
1- ابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة 3/5.
2- ابن ماكولا: الإكمال 4/246
3- ابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة 1/79.
4- ابن عساكر: تاريخ دمشق 20/25
5- تهذيب ابن عساكر - الجزء الساس  .
6- قادة الفتح الإسلامي (قادة فتح بلاد فارس)
7- الإصابة في تمييز الصحابة - ابن حجر العسقلاني - الجزء 1  
8- مجلة التربية الإسلامية - بغداد - السنة 36 العدد 5  
9- تاريخ دمشق (الجزء 20  
10- النجوم الزاهرة - ابن تغري بردي - الجزء الأول  
11- البداية والنهاية - ابن كثير - المجلد الرابع - المجلد السابع  .
12- تاريخ اليعقوبي - الجزء الثاني  .
13- الكامل في التاريخ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق