الاثنين، 16 مارس 2020

حكاية الذي وحيداً تركوه
15-03-2020

دعوهُ وحدهُ دعوهْ
في غيبوبته
في شرودهِ الغريب
في انعزاله خَلّوهْ
في ابتعادهِ عن الناس
إبتعدوا عنه تجنّبوهْ
ولا تقربوهْ !
هكذا قرّر وحدهُ ليلة
فانزوى في قوقعة
وحيداً هناك إتركوهْ
ولا تقربوهْ
لا تستغربوا فِعلهُ
ولا تسألوهْ
هو هكذا مذ عرفته
منذ كان طفلاً صغيراً
يهوى الانزواءَ
ويعشقُ الانطواءَ
حتى كان أهلهُ مللاً منهُ
يهجروهْ
ساعاتٍ ربما وساعاتٍ
كي يؤدِّبوه
كي يحاولوا أن يعلِّموه
ربما حاولوا أن يُفهِموه
حينها لكنهم فشلوا
فقرروا مذ كان في العاشرة
أن يعزلوهْ
فجهّزوا له غرفة في الطابق السفلي
فأسكنوهْ
كان يأتيه الطعام والشرابُ
وتُبدَّلُ الثيابُ
وكل ما كان يطلبهُ يجلبوهْ
ولا يسألوهْ
ولا يتناقشوا معه ولا حتى يداعبوهْ
لم يسمحوا لأقرانه أن يزوروهْ
وحتى أن يلتقوا به أو يلاعبوهْ
كان يكتبُ كل ما بباله وحيداً
هم رضوا بما يفعل وقد أرضوهْ
كم مرةً طالعوا ما كان يكتبهُ
ويقرأوهْ
فيتعجبون مما يكتب 
في الفكرِ النيِّرِ
ويشجِّعوهْ !
بل وبكلّ أدواتِ الابداع يزوّ دوه!
وبعد انتهائه من مما كتب
لملموا اوراقه وجمّعوهْ
جاءوا به لعالم بالفكرِ وسيّد بالقلم
طالع ما هو مكتوبٌ فأعلن اعجابه
حتى بدا كأنه مما قرأ كانه معتوهْ
جنَّ جنونه وكان كالمشدوهْ
عجباً أهذا الذي أقرأه الآن 
لذلك المعزولِ الذي تركوهْ
ربّما إدّعوا يوماً أنهم جنّنوهْ
أو انه في خيلائه معتوهْ
ووالله ما قرأتهُ الآن يجعلني أقرر:
سواهُ هو المعتوهْ
سواهُ هو المعتوهْ
أتعرفون لماذا؟ 
لأنني كنتُ أسخرُ مما به تركوهْ
لم أصدِّق وأنتم لن تصدقوا
لو مرةً قرأتموهْ
لو مرةً سمعتموهْ
لو مرةً ناقشتموهْ
ستعلمون حتماً أن سواهُ
هو المجنون والمعتوهْ!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق