الثلاثاء، 2 مارس 2021

د.محمد الإدريسي/ حكايتي مع المرآة

حِكايَتي مَعَ المِرْآة
وَقَفْتُ مُبْتَسِماً أمامَ مِرْآة
لِأَقْرَأَ مَلامِحَ وَجْهي بُرْهَة
فاكْتَشَفْتُ المَسْتورَ بِمَرارَة
أنَّني كاتِبٌ أديبٌ بِلا قِصَّة

شاعِرٌ بِأبْياتٍ بِلا قافِيَة
فَيْلَسوفٌ بِأحْلامِ يَقَظَة
قائِدُ جَيْشٍ لا يَحْمِلُ عُدَّة
ثائِرٌ يَبْكي يَبْحَثُ عَنْ قَضِيَّة

مُسافِرٌ خَرَقَ الحُدودَ بِلا وِجْهَة
لاجِئٌ بِرَقْمٍ بِلا إسْمٍ و لا خَيْمَة
مَيِّتٌ بِلا كَفَنٍ و لا يَحْمِلُ هَوِيَّة
قَبْرٌ على طولِ الخَلاء بِلا لَوْحَة
بَحْرٌ أتْعَبَهُ الدَّهْرُ بلا مَوْجَة
كُوخٌ اِقْتَلَعَتْهُ رِياحٌ هائِجَة
طائِرٌ ثائِرٌ خانَتْهُ أجْنِحَة
رَعْدٌ سَماءٍ أرْضٍ بلا قُوَّة
بُرْكانٌ بلا لَهيبٍ بِلا شُعْلَة
كائِنٌ هائِمٌ تائِهٌ بلا بَداهَة

ضَعيفٌ أمامَ أطْفالِ الحِجارَة
أنا أمَامَهُم قَزَمٌ فاقِدُ الشَّهامَة
نَطَقَتْ صَرَخَتْ بِقُوَّةٍ المِرْآة
قالَتْ أيْنَ أنْتَ مِنَ الرُّجولَة
الرُّجولَةُ لا تَحْتاجُ إلى البَلاغَة
فَقَطْ إلى شَيءٍ مِنَ الكَرامَة

أنْتَ مِنْ آلِ عُرْبانِ القَرْيَة
الحِجارَةُ عُنْوانٌ لِلشَّجاعَة
خَجَلَتْ نَفْسي أمامَ الصُّورَة
حَتَّى المِرْآةِ غَنَّتْ لِلانْتِفاضَة
لَنْ أقِفَ بَعْدُ أمامَها و لا مَرَّة
مُهِمَّةُ المِرْآةِ كَشْفُ العَوْرَة
تُعَرّي المَسْتورَ عَدَمَ القُدْرَة
أعْتَذِرُ مِنْ فَلَسْطينَ الحَبِيبَة

باسْمِ أُمَّةٍ بِالدُّنْيا مَشْغُولَة
مِنْ فَضِيحَةٍ إلى فَضيحَة
إنّها في الهَوانِ مُتَخَصِّصَة
في قَتْلِ الأحْياء مِنَ الإخْوَة
حُكَّامٌ لا يَقِفونَ عِنْدَ الإهانة
خَذَلٌ القِيامُ بِأعْمال العِصابَة
ما فَهِموا قَطٌّ مَغْزى الانْسانِيَّة
تَصَرُّفٌ كَمَثَلِ طَبِيعَةِ البَهيمِيَّة
لا مُواكَبَةُ سُرْعَةِ تَطَوُّرِ المَدَنِيَّة

هُنا في سورِيا القَتْلُ مُباحٌ الموضَة
هُنا اليَمَن لِمَنْ يُريدُ تَعَلُّمَ الرِّمايَة
هُنا لِيبْيا تُوَزَّعُ أرْضُها بَينَ المُرْتَزقة
هُنا العِراقُ لَمْ تَعْرِفْ أرْضُها الهُدْنَة
هُنا و هُناكَ اِمْتَدَّتْ شَرارَةُ الطّاغِيَة
باعَ الأوْطانَ مِنْ أجْلِ عُيونِ الغَجَرِيَّة
حانَ وَقْتُ الوُقوفِ أمامَ المِرْآة
لِتَكْتَشِفوا مَنْ أَنْتُمُ مُنْذُ البِدايَة
أصْلِحوا أخْطاءَكُمْ قَبْلَ النِّهايَة

كَسْرُ المِرْآةِ الصُّوَرُ المُمَزَّقَة
لَكِنْ لا تَتَغَيَّرُ أصْلُ الحِكايَة
طنجة 03/03/2021
د. محمد الإدريسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق