الثلاثاء، 13 أكتوبر 2020

قراءة أدبية من أستاذة النقد أ.هدى مصلح النواجحة/لقصيدة الشاعرة عائدة قباني بعنوان لا تحزني

قراءة أدبية من أستاذة النقد الشاعرة / ام فضل النواجحة
لنص الشاعرة المبدعة/ عائدة قباني

قراءة أدبية نقدية في قصيدة الشاعرة الفلسطينية الأردنية عائدة قباني بعنوان
لا تحزني
عودتنا الشاعرة على مثل هذه القصائد الملهبة والتي تتغنى بها لفلسطين والقدس بالتحديد وأحياناً ترثيها قي مرثيات موجعة وفي هذه القصيدة التي اختارت لها عنوانا في جملة ٍ كاملة الأركان والتي بدأتها بلا النافية التي تعمل في الجملة الفعلية تحزني أنت . والحزن شيء ذميم قاتلٌ مقره القلب وهو قاتل للفرحة ِ والابتسامة مضاد للبهجة والسرور . أي هنا ما يستوجب هذا الحزن العميق وهو اغتصاب فلسطين واغتصاب القدس بما فيها كل الآثار الإسلامية والمسيحية والتراث الفلسطيني الكنعاني الأصيل .والتعدي على المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث االحرمين .
فالعنوان صريح ومباشر . القصيدة يسرة الألفاظ وسهلة السياق ؛ لكنها قوية هجومية صارخة كطبيعة شعر الشاعر التي تحمل المعادل الموضوعي لحزن فلسطين .
وبعد ولوجي في القصيدة أدركت ما سبب هذا النهي عن الحزن ؛لأن الحزن لا يفيد شيئاً بعدما عرفنا الحقيقة . فالفاجعة في إخواننا العرب أعمق من اغتصاب فلسطين ؛لأنهم أماطوا برقع الحياء وخذلوا فلسطين وتنكروا للعروبة فصار لا يعنيهم صراخنا أو حربنا ولا اغتصاب ما تبقى من فلسطين .
مثل هذه القصائد الوطنية لا تحتاج لمقدمات أو نسيب ولكنها مباشرة وإن كانت خطاباً للقدس فهي مخاطبةٌ صريحة لمن في القدس وأهل فلسطين ولعموم العرب والمسلمين .
لقد افتتحت الشاعرة قصيدتها بالمخاطبة المباشرة من خلال النداء للقدس والأقصى الذي يمثل محراب العبادة وقد وظفت أسلوب النداء للندب والرثاء ,وتكمل بالتوكيد لتبين علاقة العشق التي تربطها به ,؛علاقة مستمرة لا تنتهي .
ويتكرر النداء للقدس في أبياتها الأولى فتقول :
قدسُ يا أقصى أيا محرابُ
يا حشاشةَ مهجتي
يا حبّةَ العينِ اسمعي
وتكرر طلبها من القدس بنهيها عن الحزن لأن العروبة كذبةٌ وسراب والكذبة والسراب لفظتان مترادفتان متتاليتان للتوكيد ليتناسق مع بداية الشطر المؤكد ب( إنَّ) وتنهال الشاعرة بتوصيف من يدعون العروبة قائلة :

فالعُرْبُ باعوا دينهم وضميرهم
وكبيرهم يا حسرتي نصّابُ

يشري يبيعُ بأمةٍ مقهورةٍ
وعلى دماها تُشْرَبُ الأنخابُ

سكرٌ وعربدةٌ على عين الملا
لم تردعِ الأديانُ والآدابُ

إنْ لمْ يصلوا في البراق بصحبهم
تلمود صهيونَ الخنا لكتابُ
وتنهال بالتقريع لهؤلاء الأعراب من خلال أسلوب النداء قائلة :

يا وصمةً للعار يا ذلّا لنا
أنتم حثالةَ عربنا وذئابُ
ولا بد من بيان السبب فهم ساندوا الأعداء وتعني مغتصبي فلسطين الكيان الصهيوني فهي تجاهرهم بالحقيقة في قولها :

ساندتُمُ الأعداءَ أقررتم بهم
سلّمتُمُ أرضي وهم غُصّابُ
ثم تنهال بالتحقير من خلال المواجهة بالنداء فتقول :
يا شرّ خلق الله يا بئس الورى
أحفادُ خيبر أخوةٌ أحبابُ

وتصل الشاعرة إلى قناعة وتقنع القدس أنه لا عجب ولا أسى على هؤلاء فهم أقارب اليهود ,وهم بقايا نسل خيبر الذين طردهم النبي صلى الله عليه وسلم لسوء عملهم وغدرهم في معاهدتهم ,وتعطي مثلاً رائعاً في قولها :
كلٌّ تشدّهُ في الدّنا الأنسابُ)
وتستند الشاعرة بهذه الأفعال لتذلل على أنهم كانوا يخادعوننا بإظهارهم عروبتهم

ذا أصلهم ذا نسلهم وتظاهروا
كي يخدعونا أنّهم أعرابُ

تغلبت الأساليب الإنشائية الصادقة على الأساليب الخبرية التي بحاجة إلى تدليل على صدقها ؛ لتؤكد صدق مشاعر الشاعرة وإدلائها للحقائق . ومن هذه الأساليب أسلوب النداء المتكرر( بيا ) وأسلوب التوكيد بإن (إني عشقتكِ والهوّى غلّابُ
وتوكيد ب(قد )( قد بانت لنا الأنيابُ) . وتوكيد باللام (لكتابُ ,لكلاب ُ).
كما وظفت أسلوب الشرط المفيد للتحدي في قولها:
إنْ لمْ يصلوا في البراق بصحبهم
وجاء في القصيدة ِ تكرار لأسلوب النهي (لا تحزني , لا تدهشي ) .
الصور والمحسنات البديعية جاءت عفوية ولم تعول عليها الشاعرة فالموقف الشعوري لا يحتاج لتنميق وحضور الصور الجمالية زاد من رونق القصيدة
موسيقى القصيدة قوية ؛ فحرف رويها الباء الصلبة القوية المتقلقل , والقصيدة على البحر الكامل ذات الإيقاع العسكري الجاد المناسب لجو القصيدة , وهي سهلة التغني بها. واستكملت الموسيقى الداخلية كل ما يثير جمالها من تكرار للألفاظ والعبارات والترادف في المعاني وانسجام الحروف في البيت الشعري الواحد .
هذا مقتضب للقراءة . بودي أن أقف على كل ظاهرة جمالية في القصيدة , ولكنني أكتفي إلى هنا شاكرة للشاعرة قوة الأداء وجمال التعبير .
مع بالغ تحياتي .
الأستاذة /هدى مصلح النواجحة
أم فضل

اليكم النص
لا تحزني
""""""
يا قدسُ يا أقصى أيا محرابُ
إني عشقتكِ والهوّى غلّابُ

أفديكِ روحي يا حشاشةَ مهجتي
في القلبِ مني مسجدٌ وقبابُ

لا تحزني يا حبّةَ العينِ اسمعي
إنّ العروبة كذبةٌ وسرابُ

فالعُرْبُ باعوا دينهم وضميرهم
وكبيرهم يا حسرتي نصّابُ

يشري يبيعُ بأمةٍ مقهورةٍ
وعلى دماها تُشْرَبُ الأنخابُ

سكرٌ وعربدةٌ على عين الملا
لم تردعِ الأديانُ والآدابُ

إنْ لمْ يصلوا في البراق بصحبهم
تلمود صهيونَ الخنا لكتابُ

لا تُدهشي أحبيبتي من فعلهم
سقط القناعُ وتحته لكلابُ

ماتَ الحياءُ من الوجوه فأصبحت
شوهاء قد بانت لنا الأنيابُ

وهنا أراقوا النفط تحت نعالهم
معَه الكرامةُ والخنا غلابُ

يا وصمةً للعار يا ذلّا لنا
أنتم حثالةَ عربنا وذئابُ

ساندتُمُ الأعداءَ أقررتم بهم
سلّمتُمُ أرضي وهم غُصّابُ

يا شرّ خلق الله يا بئس الورى
أحفادُ خيبر أخوةٌ أحبابُ

فلمَ التعجبُ يا حبيبةُ والأسى
كلٌّ تشدّهُ في الدّنا الأنسابُ

ذا أصلهم ذا نسلهم وتظاهروا
كي يخدعونا أنّهم أعرابُ

عائدة قباني
فلسطين - الأردن
1/9/2020

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق