الأحد، 11 أكتوبر 2020

أ.هدى مصلح النواجحة/نقد لقصيدة د.أسامة مصاروة

إليكم النقد البناء للأستاذة الناقدة ام فضل النواجحة
للشاعر Osama Massarwa

قراءة أدبية في قصيدة ( حكايةُ صخر ٍ ومنى )
للشاعر أسامة مصاروة

ثوبٌ جديدُ للقصيدة العمودية المستوفاة لجميع شروطها من حيث البحر الشعري وسلامة الوزن الموسيقى واللفظة الدقيقة في سلامة السياق وسلامة الإعراب والاشتقاق . واحتواء الصور الجمالية والخيال والبديع غير المتكلف الذي يزيد من بهاء القصيدة وجمالها .
القصيدة حوارية بين شخصين صخر واخته منى والقصيدة تحمل الاسمين الذين انفردا واختصا بالعنوان . وللاسم دلالة: فصخر وإن كان اسم لشخص فهو نوع من الحجارة الصلبة التي تتكون منها الجبال الراسخة والمثبتة للأرض, ويعني القوة وشدة التماسك والتمكن والعطاء فمنها ما تنبع منها العيون فتعطي الحياة ,وهنا يعطي دلالة شدة التمسك بالأرض والوطن , ومنى أيضا اسم لأنثى وهو من التمني والأمل ,وهنا يمثل الأمنية في العودة لفلسطين السليبة .
كل مادار في الحوار بين صخر ومنى يؤكد ارتباط النص بعتبته , وهو عنوان
القصيدة. وجاء الحوار في جو غير متكلف ٍ , هو شعور غير منقطع لدى الفلسطينيين المقيمون داخل الوطن أو خارجه . فكلنا نعاني الاغتراب الحقيقي والإحساس بالظلم والمهانة نتيجة اغتصاب الأرض وتهجيرنا منها .
الشاعر ليس بحاجة لنسيج صوراً جمالية فإن جاءت , جاءت بحسب مقتضى الحال
وجاءت غير متكلفة .
القصيدة تمثل الحداثة الشعرية فقد وظف الشاعر القصة في الشعر بكل عناصرها توظيفاً سلساً غير متكلف ؛ ليعطينا ما يهدف إليه الشاعر ,وماذا يريد أن يوصل للقارئ .
عناصر القصة : - وقد احتوت الأبطال صخر ومنى
الزمان له بداية وهي النكبة المشار إليهاعام 1948 وإخراج الشعب الفلسطيني من فلسطين وحتى تاريخنا هذا .
المكان حيث إقامة الفلسطينيين في معسكرات الهجرة في دول الجوارمن الدول العربية أو فيما تبقى من فلسطين في الضفة الغربية وقطاع غزة أو داخل الأرض المحتلة .
العقدة وهي كيفية العودة لحيفا بلد الأجداد والتي طلبت أمهم في وصيتها أن يدفن معها قليل من ثرى حيفا . وكيف سينفض الفلسطيني عنه اسم لاجئ ويستعيد احترامه وهويته وكرامته في كل الدنيا ؟
الصراع صراع الأبطال مع ذواتهم والتمرد طلباً للحق والكرامة , وصراعهم مع المحتل المغتصب من أجل العودة .
اللغة السردية لغة شعرية في قالب عمودي مقفى وحرف الروي الناء المتصلة بألف الخروج على لسان الراوي (المحايد فقد جعل الشعر على لسان الأبطال ) .
أما الحل فلم نصل لحل لقد مات البطل ولم نعد لفلسطين بل وصلنا للانقسام والفتنة فيما بيننا .
القصيدة على بحر الرمل فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن وهو يفيد الهرولة والمشي مع السرعة وفي كلمات القصيدة نجد الخفة والسرعة والمناسبة للموضوع فلقد كان الحوار بين الأخوين سريع, وقرار صخر جاء سريعاً وخروجه وتخفيه عن عين اخته ووصوله للحدود وموته كلها كانت خفيفة وسريعة , وقد وفق الشاعر في نظمه على هذا البحر . وانسجمت الموسيقى التعبيرية الداخلية من حيث القافية التي توحي بأن القضية تهم المتكلمين لا غيرهم بتوظيفه (نا ) ضمير الجمع للمتكلم بالإضافة إلى انسجام الألفاظ في السياق .
ركز الشاعر على الإشارات الدلالية في النص والتي تحقق المجاز والكناية مثل :
كان صخرٌ في المنافي ساكناً كناية عن الهجرة خارج الوطن .
(عروس البحر) إشارة لحيفا
وفي الأبيات التالية إشارة للوصية :
-يا أخي انسَ الأمرَ واسمعْ أمَّنا
قبلَ أنْ ماتتْ هنا قالتْ لنا
آهِ لو تعْلمُ ما قالتْ لنا
أوْ بِماذا طالبتْنا علّنا
نستَطيعُ الفعلَ أيضًا علّنا"

" -حدّثيني خبّريني يا مُنى
بمَ فعلًا طالبتنا أمُّنا؟"

" -طالبَتْنا يا أخي أَنْ تُدْفَنا
معْ قليلٍ من ثرى حيفا هُنا
هذا وقد انتشر البديع غير المتكلف على جسم القصيدة مثل
( عهدنا ومهدنا ) جناس ناقص .
ووظف المقابلة الجميلة في :( ينافي القولُ منا فِعلَنا )
القول في القصيدة وجمالياتها الكثير جميلة النظم والجدل في الموضوع رغم أن الكثير كتب في هذا الموضوع . جدة المضمون الشعري زادت من حلاوتها باستطاعتنا غناء القصيدة لسهولة ألفاظها وإيقاعها الموسيقي الخفيف الجميل .أكتفي إلى هنا ولو حاكما القصيدة بتمعن أكثر سنستخرج جماليات أكثر وأكثر .
الشاعر موفق في قصيدته التي جمع فيها وحدة الموضوع وتسلسل الأفكار فيها وصحة اللغة من حيث المشتقات وسلامة الإعراب .
في الختام تحياتي للشاعر صاحب القضية كما هو حالنا وجمع الله بين قلوب المسئولين المتكاثري الخلايا المنشطرة ونحن في أمس الحاجة للوحدة .
مع تحيات الشاعرة الناقدة أ/هدى مصلح النواجحة أم فضل

وهذا هو النص
حكايةُ صخرٍ ومنى

كانَ صخرٌ في المنافي ساكِنا
والمنافي قد رآها موْطِنا
لمْ يكنْ يدري بأنَّ المَوطِنا
صارَ للْأغرابِ ظُلمًا مَسْكَنا

ذاتَ يومٍ قالتِ الأختُ منى:

- "يا أخي منْ قبلُ لم نحيا هُنا"

- "يا منى صبرًا على جهلي أنا
واشرحي لي القولَ أوْ ماذا عنى؟"

" -في عروسِ البحرِ يا صخرٌ لنا
منزِلٌ مثلَ الأهالي حولنا
قبلَ أنْ فرّقَ غازٍ شملَنا
عندما هجّرَ غصْبًا أهلَنا"

- "كيف يا أختي اسْتَباحوا عِرضَنا؟
كيفَ جاؤوا ثمَّ ضمّوا أرضَنا؟
بل وعادى البعضُ منا بعضَنا؟

- "قلْ وجاءَ البعضُ منهم قبلَنا
إذ رمونا في المنافي كلَّنا."

- " من أنا أختاهُ؟ حقًا من أنا؟"

" -يا أخي اسْمعني وسجّلْ: جدُّنا
جاءَ من حيفا فحيفا مهدُنا
وإليْها العودُ يومًا عهدُنا"

" -حدِّثيني يا مُنى عنْ بيتِنا
عن أبي أمّي خوابي زيتِنا
أينَ منْ كانوا وعاشوا بيننا؟
أينّ منْ كانوا كذا جيرانَنا؟"

" -يا أخي انسَ الأمرَ واسمعْ أمَّنا
قبلَ أنْ ماتتْ هنا قالتْ لنا
آهِ لو تعْلمُ ما قالتْ لنا
أوْ بِماذا طالبتْنا علّنا
نستَطيعُ الفعلَ أيضًا علّنا"

" -حدّثيني خبّريني يا مُنى
بمَ فعلًا طالبتنا أمُّنا؟"

" -طالبَتْنا يا أخي أَنْ تُدْفَنا
معْ قليلٍ من ثرى حيفا هُنا
كيفَ نجني يا تُرى تلْكَ المُنى؟
مستحيلٌ ما رجتْهُ أمُّنا"

ذاتَ ليلٍ بعدَ أنْ نامتْ منى
في فراشٍ مِنَ بقايا بُطِّنا
سارَ صخرٌ خِلسَةً حتى دنا
منْ جدارٍ يستبيحُ الموطِنا

ظلَّ يمشي مستقيمًا مؤمِنا
دونَ خوفٍ أو خُنوعٍ أو خنا
وصلَ الشاطِئَ صخرٌ وانْحنى
فوقَ رملٍ كانَ يرجو وصْلَنا
ثمّ أخفى حَفْنَةً يا ويلنا

لمحَ الأعداءُ صخرًا ابْنَنا
بعدَ أن سارَ طويلًا واهِنا
خانتِ الرجلانِ صخرًا إذ دنا
واحدٌ منهم ونادى مُعلِنا
"موتُ هذا الكلبِ إنجازٌ لنا"

خرَّ صخرٌ إذ أرادوا قتلَنا
وأرادوا عن ثرانا عزلَنا
وَعَنِ الأجدادِ أيضًا فصلَنا
إنْ أضاعْنا في الصحارى خيْلَنا
وَفقدْنا من هوانٍ ظِلَّنا
إنْ جهِلْنا فاستغلّوا جهلَنا
لِمَ لا يرجونَ دومًا ذُلّنا؟
بكتِ الأزهارُ صخرًا قبلَنا
إذ ينافي القولُ منا فِعلَنا
ويجافي الصمتُ فينا قولَنا
قدْ نسيْنا بانهزامٍ أصلَنا
وأباحْنا بانقسامٍ ما لنا
فأضعْنا ويحَ قلبي صولنا
وأَلِفْنا الذلَّ حتى ملّنا
د. أسامه مصاروه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق