الثلاثاء، 3 ديسمبر 2019

الصحابي عبد الله بن المعتم العبسي 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي -العراق- 30-11-2019
عَبْدُ اللّهِ بنُ مَالِك بن المُعْتَمّ العَبْسي صحابي من المهاجرين الأولين، قائد من أشراف غطفان، ومن شجعان الصحابة وغزاتهم.   ((قال ابْنُ مَنْدَه: عقد له النبي صَلَّى الله عليه وسلم لواءً أبيض. وله ذكر بالقادسية، ولا يعرف له رواية.)) عقد له الرسول محمد صلى الله عليه وسلم لواء سرية في السنة السادسة هجرية.
(قال أبُو عُمَرَ: له صحبة، وهو ممن تخلف عن عليّ يوم الجمَل. وقال أبُو أحْمَدَ العسْكَرِيُّ: عبد الله بن معْتَمِر له صحبة.)) ((ذكر الطبري والباوردي أنه أحَدُ التسعة الذين وفدوا على النبي صَلَّى الله عليه وسلم مِنْ عَبْس. وذكر أَبُو عُبَيْدَةَ أنه كان على إحدى المجنّبتين يوم القادسية. وقد تقدم في ترجمة الحارث بن الربيع بن زياد العبسي شرْح وفادةِ التسعة المذكورين.)
كان من قادة الرايات في البويب، ثم كان على ميمنة سعد بن أبي وقاص في القادسية، وظل في مقدمة الجيش مع سعد حتى فتح المدائن. وهو الّذي افتتح تكريت، وصالح أهل الموصل ونينوى.
سكن الكوفة وكان من أشرافها، ولما كانت وقعة الجمل وأرسل عليّ يدعو أهل الكوفة لينصروه، فأمرهم أبو موسى بالقعود في الفتنة، فتخلف ابن المعتم عن يوم الجمل، ثم اعتزل الفريقين في أيام صفين.
إسلامه
ـــــــــ أسلم عبد الله بن مالك بن المعتم العبسي مبكرًا، فهو أحد تسعة رجال من قبيلة عبس وفدوا على النبي فأسلموا، فدعاء لهم الرسول بالخير، وكانوا من المهاجرين الأولين، قال ابن الكلبي: «وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة رهط من بني عبس فكانوا من المهاجرين الأولين منهم : ميسرة بن مسروق والحارث بن الربيع وهو الكامل وقنان بن دارم وبشر بن الحارث بن عبادة وهدم بن مسعدة وسباع بن زيد وأبو الحصن بن لقمان وعبد الله بن مالك وفروة بن الحصين بن فضالة ، فأسلموا فدعا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير ، وقال : " ابغوني رجلا يعشركم أعقد لكم لواء " ، فدخل طلحة بن عبيد الله فعقد لهم لواء وجعل شعارهم : يا عشرة». 
ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أن عيرًا لقريش أقبلت من الشام، فبعث هؤلاء الجماعة من بني عبس في سرية على رأسهم عبدالله، وعقد لهم لواء أبيض، قال الواقدي: «بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عيرا لقريش أقبلت من الشام فبعث بني عبس في سرية وعقد لهم لواء، فقالوا: يا رسول الله كيف نقسم غنيمة إن أصبناها ونحن تسعة، قال : " أنا عاشركم " ، وجعلت الولاة اللواء الأعظم لواء الجماعة ، والإمام لبني عبس ليست لهم راية»، وقال ابن منده: « عقد له النبي صَلَّى الله عليه وسلم لواءً أَبيض في رَهْط بعثهم». وهذا دليل واضح على أن عبد الله وفد مع جماعته قبل صلح الحديبية، لذلك فهو من المهاجرين الأولين. 
 يقال أنه أحَدُ التسعة الذين وفدوا على النبي صَلَّى الله عليه وسلم من عبس . و ذكر ابن إِسحاق أن عبد الله كان على إِحدى المُجَنِّبتَيْن يوم القادسية، وسَيَّره سعد بن أَبي وقاص من العراق إِلى تكْرِيت ، ومعه عَرْفَجَة بن هَرْثَمَة، ورِبْعِي بن الأَفْكَل، وفيها جمع من الروم والعرب، ففتح تِكْرِيت وأَرسل عبدُ اللّه بن المعتمِّ رِبْعيَّ بنَ الأَفْكَل إِلى نِينَوى و المَوْصِل ، ففتحهما، وجعل عبدُ اللّه على المَوْصل رِبْعِي بن الأَفْكَل، وعلى الخراج عَرْفَجَة بن هَرْثَمَة، وقيل إِن الذي فتحها عُتْبة بن فَرقْد، أَرسله عمر بن الخطاب إِلى الموصل ، ففتحها سنة عشرين، وقيل غير ذلك، وكان عبد اللّه على مقدمة سعد بن أبي وقاص من القادسية إِلى المدائن، هو وزهرة بن الحَوِيّة. وقال أبو عمر ، وأبُو أحْمَدَ العسْكَرِيُّ له صحبة ،عقد له النبي صَلَّى الله عليه وسلم لواءً أبيض، وله ذكر بالقادسية، ولا يعرف له رواية
فتح الحيرة 
ــــــــــــــ
 كان على إِحدى المُجَنِّبتَيْن يوم القادسية،  وسَيَّره  سعد بن أَبي وقاص من العراق إِلى "تكْرِيت"، ومعه عَرْفَجَة بن هَرْثَمَة، ورِبْعِي بن الأَفْكَل، وفيها جمع من الروم والعرب، ففتح "تِكْرِيت" وأَرسل عبد اللّه بن المعتمِّ رِبْعيّ بن الأَفْكَل إِلى "نِينَوى" و "المَوْصِل"، ففتحهما. وجعل عبدُ اللّه على المَوْصل رِبْعِي بن الأَفْكَل، وعلى الخراج عَرْفَجَة بن هَرْثَمَة. هذا قول ابن إِسحاق. وقيل: إِن الذي فتحها عُتْبة بن فَرقْد، أَرسله عمر بن الخطاب إِلى "الموصل"، ففتحها سنة عشرين. وقيل غير ذلك. وكان عبد اللّه على مقدمة سعد بن أَبي وقاص من القادسية إِلى المدائن، وهو وزهرة ابن الحَوِيّة. قال أَبو زكرياءَ يزيد بن إِيَاس: عبد اللّه بن المعتم العبسي: وهو الذي افتتح المَوْصل، وروى ذلك عن سيف بن عمر  أسد الغابة.
 برز اسم عبدالله بن المعتم لأول مرة في فتح الحيرة، والخبر أنه لما بلغ عمر بن الخطاب نتائج معركة الجسر في العراق واستشهاد أبو عبيد الثقفي وصحبه فيها، فندب الناس إلى المثنى بن حارثة. وكان عمر بن الخطاب قد اباح لمن سبق ارتداده أن ينضم إلى الجيوش الإسلامية، وكان فيهم ابن المعتم وعبس التي كانت قد ارتدت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وأبادت من ثبت منهم على ولاؤه للمدينة، فأمدَّ به عُمر بن الخطاب المثنى بن حارثة، قال الطبري: «وَقَدْ كَانَ كَتَبَ - عُمر - إِلَى أَهْلِ الرِّدَّةِ فَلَمْ يُوَافِ - شَهْر - شَعْبَانَ أَحَدٌ إِلا رَمَى بِهِ الْمُثَنَّى الْبُوَيْبِ». 
وقدم عبد الله بن المعتم إلى البويب ممداً للمثنى في أناس من قيس عيلان، وفي ذلك يقول الكلاعي: «وجاءت قيس عليهم عبد الله بن المعتم العبسي، وجاءت الرباب وعلى تيم وعدي هلال بن علفة، وعلى ضبة المنذر بن حسان، وجاءت حنظلة وعمرو وطوائف من سعد، وجاءت النمر بن قاسط عليهم أنس بن هلال، وبعث عمر أيضا عصمة بن عبد الله الضبي فيمن تبعه من بني ضبة، وكان قد كتب إلى أهل الردة يأذن لهم في الجهاد ويستنفرهم إليه فلم يوافقه أحد منهم إلا رمى به المثني». وقاتل عبدالله بن المعتم وقومه تحت راية المثنى بن حارثة القوات الفارسية في معركة البويب اول معركة حاسمة من معارك المسلمين في العراق، والتي تعد من أهم معارك المسلمين حيث كان لها تأثير كبير في فتوح العراق، ولقد عدَها ابن كثير نظيرَ معركة اليرموك مع البيزنطيين. وكان انتصار البويب في أواخر شهر رمضان سنة 13 هـ. 
معركة القادسية 
ــــــــــــــــ بعد وفاة المثنى بن حارثة تولى سعد بن أبي وقاص قيادة المسلمين في العراق، فقاتل ابن المعتم تحت راية سعد في القادسية، وكان على ميمنة سعد في الجيش الذي تحرك من منطقة شراف متجهًا نحو القادسية، قال ابن الأثير:« وجمع سعد من كان بالعراق من المسلمين من عسكر المثنى، فاجتمع بشراف، فعبأهم وأمر الأمراء، وعرف على كل عشرة عريفا، وجعل على الرايات رجالا من أهل السابقة، وولى الحروب رجالا على ساقتها ومقدمتها ورجلها وطلائعها ومجنباتها، ولم يفصل إلا بكتاب عمر، فجعل على المقدمة زهرة بن عبد الله بن قتادة بن الحوية فانتهى إلى العذيب، وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل على الميمنة عبد الله بن المعتم ، وكان من الصحابة أيضًا». 
وبقي ابن المعتم في القادسية على ميمنة الجيش، كما ذكر أَبُو عُبَيْدَةَ أنه كان على إحدى المجنّبتين يوم القادسية. وكان لقيادته الحكيمة أثر كبير في انتصار المسلمين في معركة القادسية، وفي ذلك يقول المدائني: «عبر رستم إلى المسلمين بجنوده وفيلته من حين طلعت الشمس إلى قريب من نصف النهار، وأخذوا عدة الحرب، وصافهم المسلمون، وعلى الميمنة عبد الله بن المعتم، وعلى الميسرة هاشم بن عتبة، وعلى الخيل المغيرة بن شعبة، وعلى الرجالة سلمة بن حديم». وكانت معركة القادسية التي انتصر فيها العرب المسلمين انتصار كبير على القوات الفارسية في شعبان سنة 15 هـ. 
فتح المدائن
ـــــــــــ وبعد معركة القادسية بشهرين، وصل أمر عمر بن الخطاب إلى سعد بن أبي وقاص بالمسير إلى المدائن، فقَدَّم سعد بن أبي وقاص زهرة بن الحوية، ثم اتبعه بعبدالله بن المعتم. فلما وصلت مقدمة المسلمين «برس» وعليهم عبد الله بن المعتم وزهرة بن حوية وشرحبيل ابن السمط لقيهم جمع من الفرس فهزمهم المسلمون، وفي ذلك يقول ابن الأثير:« لَمَّا فَرَغَ سَعْدٌ مِنْ أَمْرِ الْقَادِسِيَّةِ أَقَامَ بِهَا بَعْدَ الْفَتْحِ شَهْرَيْنِ، وَكَاتَبَ عُمَرَ فِيمَا يَفْعَلُ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ يَأْمُرُهُ بِالْمَسِيرِ إِلَى الْمَدَائِنِ. فَفَعَلَ ذَلِكَ، وَسَارَ مِنَ الْقَادِسِيَّةِ لِأَيَّامٍ بَقِينَ مِنْ شَوَّالٍ، وَكُلُّ النَّاسِ مُؤَدٍّ مُذْ نَقَلَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ مَا كَانَ فِي عَسْكَرِ الْفُرْسِ. فَلَمَّا وَصَلَتْ مُقَدَّمَةُ الْمُسْلِمِينَ بُرْسَ وَعَلَيْهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُعْتَمِّ وَزُهْرَةُ بْنُ حَوِيَّةَ وَشُرَحْبِيلُ بْنُ السِّمْطِ لَقِيَهُمْ بِهَا بَصْبُهْرَا فِي جَمْعٍ مِنَ الْفُرْسِ، فَهَزَمَهُ الْمُسْلِمُونَ». وسار المسلمون من نصر إلى نصر، حتى تم لهم دخول المدائن عاصمة كسرى، وكان عبدالله على مقدمة سعد منذ غادر القادسية حتى فتح المدائن في صفر سنة 16 هـ.
 فتح تكريت والموصل
ــــــــــــــــ لما افتتح سعد المدائن بلغه أن أهل الموصل قد اجتمعوا بتكريت على رجل من الكفرة ، يقال له : الأنطاق . فكتب إلى عمر بأمر جلولاء واجتماع الفرس بها ، وبأمر أهل الموصل فتقدم ما ذكرناه من كتاب عمر في أهل جلولاء وما كان من أمرها . وكتب عمر في قضية أهل الموصل الذين قد اجتمعوا بتكريت على الأنطاق أن يعين جيشا لحربهم ، ويؤمر عليه عبد الله بن المعتم ، وأن يجعل على   مقدمته ربعي بن الأفكل العنزي ، وعلى الميمنة الحارث بن حسان الذهلي ، وعلى الميسرة فرات بن حيان العجلي ، وعلى الساقة هانئ بن قيس ، وعلى الخيل عرفجة بن هرثمة . ففصل عبد الله بن المعتم في خمسة آلاف من المدائن فسار في أربع حتى نزل بتكريت على الأنطاق ، وقد اجتمع إليه جماعة من الروم ، ومن الشهارجة ، ومن نصارى العرب ، من إياد وتغلب والنمر ، وقد خندقوا بتكريت ، فحاصرهم عبد الله بن المعتم أربعين يوما ، وزاحفوه في هذه المدة أربعا وعشرين مرة ، ما من مرة إلا وينتصر عليهم ، ويفل جموعهم ، فضعف جأشهم ، وعزمت الروم على الذهاب في السفن بأموالهم ، وراسل عبد الله بن المعتم من هنالك من الأعراب ، فدعاهم إلى الدخول معه في النصرة على أهل البلد ، فجاءت القصاد إليه عنهم بالإجابة إلى ذلك ، فأرسل إليهم : إن كنتم صادقين فيما قلتم ، فاشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وأقروا بما جاء من عند الله . فرجعت القصاد إليه بأنهم قد أسلموا ، فبعث إليهم : إن كنتم صادقين ، فإذا كبرنا وحملنا على البلد الليلة ، فأمسكوا علينا أبواب السفن ، وامنعوهم أن يركبوا فيها ، واقتلوا منهم من قدرتم على قتله . ثم شد عبد الله وأصحابه ، وكبروا تكبيرة رجل واحد ، وحملوا على البلد ، فكبرت الأعراب من الناحية الأخرى ، فحار أهل البلد ، وأخذوا في الخروج من الأبواب التي تلي  دجلة ، فتلقتهم إياد والنمر وتغلب ، فقتلوهم قتلا ذريعا ، وجاء عبد الله بن المعتم بأصحابه من الأبواب الأخر ، فقتل جميع أهل البلد عن بكرة أبيهم ، ولم يسلم إلا من أسلم من الأعراب من إياد وتغلب والنمر ، وقد كان عمر عهد في كتابه أن إذا نصروا على أهل تكريت أن يبعثوا ربعي بن الأفكل إلى الحصنين ، وهي الموصل سريعا فسار إليها - كما أمر عمر - ومعه سرية كثيرة ، وجماعة من الأبطال ، فسار إليها حتى فجأها قبل وصول الأخبار إليها ، فما كان إلا أن واقفها حتى أجابوا إلى المصالحة ، فضربت عليهم الذمة عن يد وهم صاغرون .
ثم اقتسمت الأموال التي تحصلت من تكريت فبلغ سهم الفارس ثلاثة آلاف ، وسهم الراجل ألف درهم . وبعثوا بالأخماس مع فرات بن حيان ، وبالفتح مع الحارث بن حسان وولي إمرة حرب الموصل ربعي بن الأفكل ، وولي الخراج بها عرفجة بن هرثمة .
تحرك الجيش الموجود في المدائن بقيادة عبد الله بن المعتم  قائد ميمنة المسلمين في القادسية (وكان قد خرج في الوقت نفسه الذي خرج فيه هاشم بن عتبة بن أبي وقاص من المدائن إلى جلولاء كما ذكرنا في نهاية ربيع الأول وبداية ربيع الآخر) من المدائن إلى تكريت وهي على مسافة مائتين وعشرين كيلو مترًا من المدائن شمالاً حيث يواجه الجيش القادم من الموصل إلى تكريت، وكان فيه جموع من الفرس والعرب والروم فيصل إليها ويحاصرها، وكانت تكريت كجلولاء في شدة الحصانة وقوة المنعة، حيث تقع المدينة على الجانب الغربي من نهر دجلة مباشرة، أما الجانب الشمالي والشرقي والجنوبي فيحيطه خندق ليحمي المدينة، ويحاصر عبد الله بن المعتم المدينة مدة تقدر بأربعين يومًا وكان الحصار شديدًا، وكانت قوة هذه الجموع أقل من الجموع الفارسية في جلولاء لكونها مختلطة من الفرس والروم والعرب؛ فسبَّبَ هذا الاختلاف ضعفًا في هذا الجيش، وفي مدة الحصار خرج الفرس في أربعة وعشرين زحفًا تقريبًا حيث كان الزحف يتكرر كل يومين، وانتصر المسلمون على كل زحف زحفه الفرس عليهم، وكان جيش المسلمين خمسة آلاف مقاتل فقط.
عزم الروم على الذهاب في السفن بأموالهم، لما رأوا من ظَفَرِ المسلمين، خاصة أن هذه الحرب ليس لهم فيها ناقة ولا جمل؛ كما أن جيوشهم في الشام تحارب جيوشًا إسلامية هناك، فعزموا على الانسحاب بقواتهم فوق السفن في نهر الفرات في طريقهم إلى الشمال هروبًا من الجيش الإسلامي، ولما علم بذلك عبد الله بن المعتم راسل من هنالك من الأعراب خفية، فدعاهم إلى الدخول معه في النصرة على أهل البلد، والأمان لكم إن انتصرنا عليهم، ورأى الأعراب أن الروم بدءوا بالهروب، والقوة الفارسية محاصرة في جلولاء ومحاصرة معهم في تكريت، فجاءت الردود إليه عنهم بالإجابة إلى ذلك، فأرسل إليهم إن كنتم صادقين فيما قلتم فاشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وأَقِرُّوا بما جاء من عند الله؛ ولم يكن سيدنا عبد الله بن المعتم واثقًا بإسلام الأعراب، فوضع خطة حتى لا يغدروا بالمسلمين إن كانوا كاذبين.
فأرسل إليهم عبد الله إذا سمعتم تكبيرنا فاعلموا أنا أخذنا أبواب الخندق، فخذوا الأبواب التي تلي دجلة وكبروا، واقتلوا من قدرتم عليه، وأمسكوا علينا أبواب السفن، وامنعوهم أن يركبوا فيها. ثم شد عبد الله وأصحابه، وكبروا تكبيرة رجل واحد، وحملوا على البلد فكبرت الأعراب من الناحية الأخرى، فحار أهل البلد، وأخذوا في الخروج من الأبواب التي تلي دجلة، فتلقتهم إياد والنمر وتغلب، فقتلوهم قتلاً ذريعًا، فظنَّ الفرس أن المسلمين جاءوهم من خلفهم فهُرِعُوا إلى أبواب الحصن ليهربوا؛ فوجدوا عبد الله بن المعتم بأصحابه بالباب واقفين فَقُتِلَ جميع أهل البلد على بكرة أبيهم، ولم يسلم إلا من أسلم من الأعراب من إياد وتغلب والنمر، وأرسل عبد الله بن المعتم رِبْعِيّ بن الأَفْكَل قائد مقدمته في تكريت إلى الحصنين، وهما نِينَوَى و الموصل , وهما على بُعْدِ أربعمائة كيلو متر من المدائن. ونينوى بها قبر سيدنا يونس عليه السلام، ومنها الرجل الذي قابل سيدنا محمد في إقفاله من الطائف عَدَّاس ، وتسمى نينوى الحصن الشرقي، وتسمى الموصل الحصن الغربي، وقال اسبق الخبر، وسِرْ ما دون القيل، وأحيِ الليل. وسَرَّحَ معه تغلب وإياد والنمر، فقدمهم ابن الأفكل إلى الحصنين، فسبقوا الخبر وأظهروا الظفر والغنيمة وبشروهم، ووقفوا بالأبواب، وأقبل ابن الأفكل فاقتحم عليهم الحصنين وكلبوا أبوابهما، فنادوا بالإجابة إلى الصلح ودفع الجزية، وبذلك صاروا ذمة، وقد فتحت تكريت.
وفاته
انقطعت اخبار عبدالله بن معتم العبسي بعد الفتوحات في عهد عمر بن الخطاب ولايعلم سنة وفاته ولا في اي بلد استقر
المصادر
ـــــــــــــ
1- الإصابة في تمييز الصحابة.لابن حجر
2- اسد الغابة ابن اثير
3- الطبقات الكبرى لابن سعد
4- نهاية الارب في نهاية الادب للنويري
5- الخلفاء الراشدون مواقف وعبر للحميدي
6- الكامل في التاريخ لابن الاثير
7- البداية والنهاية لابن كثير
8- فتوح البلدان للبلاذري
9- تاريخ خليفة بن خياط
10- تاريخ الملوك للطبري
11- الفاروق لمحمد رضا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق