الثلاثاء، 24 ديسمبر 2019

( تعويذةُ النومِ الأخيرة )

--------

مُتعَبٌ أنا يا صديقي
منذُ طفولتي الأولى وُلِدْتُ هكذا ... مُتعَبٌ
لا الشاي الأحمرُ يلسعُ شفتايَ
لا النايُ ترسمُ فرحاً ... مُغادِراً
الصمتُ يمتطي جسدي
والخوفُ على أريكته الفارسية
يحتسي كأساً مِنَ الخَمرة ... ويضحكْ
لا القهوةُ عادتْ كما كانتْ ذاتَ صباح
كنتُ أرافقها ... أُضاجِعُها ...كما ظِلّي
يُرافقني بِروازُ صورتي ... رماديّةَ الطعْمِ
على الحائطِ المَخفيِّ ... مُعَلّقةٌ
كما مِشنقةٌ نُصِبتْ في ساحةٍ حمراء
صوتُ صريرِ الفجرِ يذبَحُني
مِنَ الوريدِ إلى نهايةِ العالم
كَمْ قرأتُ منْ تعاويذ
كَمْ حَمْلتُ منْ عناوينِ المنجّمين
قالوا بأنّي مُتعَبٌ
واحدٌ مِنْهُم ... قالَ تريثْ
لِتسْمَعَ قِصصَ العابرين
أوشكتُ أنْ أفعلْ
أوشكتُ أنْ أُعلِّقَ تعبي في حِجابْ
كانَ سراباً عندما حضرَ الضباب
مُتعَبٌ أنا يا صديقي
فالولادةُ لمْ تكنْ كما تعلمْ
بل ... كما كنتُ أُحلُمُ أنْ تكنْ
قذفتني أُمّي منْ رَحْمِها كما حجرٍ
وقالتْ هكذا هي الحياةُ يا بُنيّ
لمْ تكنْ تدري بِأنّها قتلتني قبلَ أنْ أُولَدَ
واسَيتُ نفسي ببعضِ الرواياتِ القديمة
وثورةُ أبطالِ الحكايا
عنترةْ ... الزيرُ ... طارقُ
الفتى الهلاليّ ... وغيرهمْ كُثرٌ
مِمَّنْ مرّوا على جسدي
حاولتُ اِمتشاقَ السيف
كانَ أثقلُ منْ يدي ...
كلُّ المَلاحِمُ التي سردتها ذاكرتي
ذهبتْ إلى جحيمِ الذكريات
هُناكَ ... ضَمَّتْها الحاوياتْ
إلاّ ملحمتي أنا
نَبتتْ في بُستانِ الزيزفون
لمْ أدرِ بعدها إنْ أورَقَتْ
كانَ برعمُها صغيراً كما أنا
أخبرتُ أمِّي بأنني ... مُتعَبٌ
قرأتْ تعويذةَ النومِ الأخيرة
وبعضُ رصاصٍ مُلتهبْ
كانتْ تظنُّ بأنَّهُ يأتي الخلاص
كيف يأتي والطريقُ مُقفرة
الغُبارُ يملأُ كلَّ الأزقّة
والزهورُ تهرِبُ مِنَ الطريقِ إلى الطريق
ماعاد يُشبهني كثيراً ذاكَ التعبْ
النَّعْيُ آتٍ في كَفنْ
وأنا مازلتُ أنتظرُ الولادة الأُخرى
مُتعَبٌ أنا يا صديقي
مُتعَبٌ كما مَيْتٍ يحمِلُهُ الكفنْ ...

---------
وليد.ع. العايش

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق