الجمعة، 30 نوفمبر 2018

من وحي رائعة عمر بهاء الدين الأميري (أب)؛ مهداة إلى روحه في الذكرى المئوية لميلاده 1918 ==================== شريط الذكريات أبكي وتبكي معي الأقلام والكتُبُ أشتاقُهم ومعي الأثوابُ واللُّعَبُ أشتاق تقبيلَهم والعينُ باكيةٌ على الألى في مُحيطِ الحُزنِ قد سرَبوا لا أطرقُ البابَ، أدري لن يجيبَ سِوى مفتاحِهِ بعدَ أن سكانُهُ غرَبوا كانوا إذا سمِعوا صوتَ المُحرِّك في سيّارتي استبقوا البابَ الذي ثقَبوا يَصيحُ أصغرُهم: "بابا" وأكبرُهم وإن رأَوني بلا حَلوى لهُم عَتِبوا ==== اَلبَيتُ من بعدهم خاوٍ كمقبرةٍ يغيبُ عنه (الضجيجُ العذبُ والشغَبُ) لِلصَّمتِ، مُذ طالني نابُ النَّوى، صخَبٌ يكادُ شغفُ فؤادي مِنهُ ينثقِبُ مِصباحُ شعريَ يذوي في زجاجتهِ منذُ الأحبَّةُ بعدَ اللمَّةِ انشعَبوا ألعابُهم في زوايا البيتِ مُهمَلَةٌ تلك التي لم يكن صِنوًا لها الذَّهبُ ألقي بنفسِيَ لَيلًا في أسرَّتِهم فلا أنامُ ولكن تُخضَبُ الهدُبُ يا ربِّ، أوحشَ بيتي من ملائكةٍ كانوا شياطينَ في عَيني إذا جلَبوا كم كنتُ بالأمسِ أشكو من ضجيجِهمُ ومِن عِراكٍ طويلٍ ما لهُ سببُ! واليومَ أشتاقُ ما قد كانَ يُضجِرني: اَلدَّقُّ والنَّقُّ والتَّنكيتُ والصخَبُ ==== أجولُ في الدّارِ ... تجري ذكرياتهمُ شريطَ عَرضٍ لمن أودى بهِ النَّصَبُ هنا قرأتُ لهم من قبلِ نومِهمُ حِكايةً قد روى أحداثَها العجَبُ هنا أنمتُهمُ في الحِضنِ إذ مرضوا وأدمُعُ القلبِ من عينيَّ تنسكِبُ هنا احتضنتُهمُ بالبابِ إذ رجَعوا من المدارسِ قد أضناهمُ التعَبُ هُنالِكَ استقبَلوا بالبِشرِ جدَّتَهُم هُنا، على كتِفَيها، فرحةً وثَبوا هنا تباهَوا بنَجماتٍ لهم مُنِحَت وما أساتِذَةٌ في مدحِهم كتَبوا هنا أرَوني شهاداتٍ سُرِرتُ بها فما بمثلِ نجاح ابنٍ يُسَرُّ أبُ وكم أثبتُهمُ عنها بجائزةٍ وكنتُ أعطيهمُ فوق الذي طلَبوا! هنا تلَوتُ على أسماعِهم سُوَرًا ليحفَظوها ويتلوها كما يجِبُ هنا نصحتُ ولم أسمع تأفُّفَهم: هذا حَرامٌ ... وذا عَيبٌ ... وذا يجِبُ أدَّبتُهم مثلَما القرآنُ أدَّبَني لا خَيرَ في العِلمِ إن ما زانهُ الأدَبُ ==== هنا الخِوانُ الذي قد كانَ مائدةً قد يُصرَمُ الكَرمُ: لا تينٌ ولا عنَبُ هنا طهت أمُّهم ما يشتهونَ وإن ما كانَ لي ولها، في ما طهَت، رغَبُ هنا حمَدنا على النَّعماءِ خالقَنا فما سِواهُ لنا ما نبتغي يهَبُ هنا الكؤوس التي أمثالَها كسَروا ودونَ قصدٍ عَلَيَّ الشايَ قد سكَبوا هنا الحنونةُ كدَّت كَي تدرِّسَهم ولم تُبالِ إذا ما هدَّها اللَّغَبُ هنا بكَوا عندَما (التِّلفازُ) أخبرنا كيفَ الطفولةُ في صنعاءَ تُستلَبُ وكيفَ أقرانُهم في الشامِ شرَّدهم من ليس تردعُهُم عُجمٌ ولا عرَبُ فهل سيدري الأميرِيُّ البَهِيُّ بأن قد هُدِّمت بعدَهُ، من قصفهم، حلَبُ؟! ===== هنا لعِبنا معًا ما كنتُ أجهلهُ فعلَّموني وثاروا حينما غُلِبوا! هنا حضَرنا مُباراةً لمن رسموا على الوجوهِ ابتساماتِ الألى غلَبوا هنا تحكَّم في (الرّيموتِ) أصغرُهم وللمُدلَّلِ كلُّ الدارِ تَنغَلِبُ هنا جلستُ، بلا كِبرٍ، على رُكَبي كي يضحَكوا من جوادٍ ظهرَهُ ركِبوا هنا لحقتُ بهم كيما أعاقبَهم فأفلَتوا، ولقد يُجدي الفتى الهرَبُ هنا شكت أمُّهم ما كان أغضبني وخبَّأتهُم إلى أن يسكتَ الغضبُ! يا وَيحَهم، ذهَبوا لمّا بِنا عصفَت ريحُ الأسى لَيلةً واشتدَّتِ الكُرَبُ هنا ... هُناكَ ... هُنا ... ما ثَمَّ زاويةٌ في البَيتِ إلّا وفيها عِطرُ من ذهبوا الظهران، 27.11.2018 جواد يونس


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق