الأربعاء، 17 يونيو 2020

مريم فضي/العابرون

العابرون ...

أيها العابرون
بين نزيف هذي الأرض
وبين جراحات الصهيل
توقفوا الآن عن الزّحف
وأنصتوا لهدير الرحيل
في الظلمة الفاجرة
أنصتوا لعويل الليل السرمدي
من نوحه يعقد القلب عماه
آن يموج القمر في نحره الموحش
يمشي على وجعٍ حافية خُطاه
ينسلّ فزعاً داخل النبض
يغدو تاريخا من تيه
يقرع طبول الحرب فوق تلك الألواح
وحياً نزل ينسف زيف الآلهة ...
أيها العابرون تذكروا ..
لا عرش أبدا للأغيار
لا مُلك يعلو فوق قدسية الأحرار
لربّما نام الجرح قليلا واستكان
لربّما ألجمته برهةً سنن الأقدار
صرِعا قد خرّ في حلكة الأكوان
لكنه حيّ لا يموت ..
هو للمدى غيم
هو للروح سماء ثانية
عشق يتجلّى كمسيح هذا الزمان
يسير بنبوءة ما زالت هناك تعتكف
آن يحين فجر الإنعتاق تهل قبيل المنعطف ...
فلترحل أيها العابر فوق الأوان
وفوق مآذن الأحزان
موتي وصرتَ تعرفه
تنعيه قبراً قفراً صياحاً
على عتبات ابتهالات تائهة
موتي كان محض اختيار ...
فلترحل قبل احتضار النهار
وقبل أن يقرع الموت أجراسه وفي دمي ينصهر
عد من حيث أتيتَ عاريا
من ذاك الشتات هاربا
قد تجاوزت بعبادة الدمع سبل الميقات
مستوطناً أجفانك المفتوحة رعبا
تنام بانتظامِ العدد فوق الجيَف
تنام عطشا لدماءٍ من أقداحٍ طافحة
من جنون ترتوي ومن حقد دفين ...
فلترحل كما العابرون كمدا
من بوابة الزمن اللعين
فلترحل وسط النار وآهات الألم الهجين
دونك عهود قيّدَتها الأيام
كما رؤى في كنف اللامكان مفجعة
تعبر بأزمنة زمامها النفي
ونداءات من غربة موجعة
مشمولة بسر الغيب بها يستجير السالكون ...
( ✍ : مريم فضي )
تحياتي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق