السبت، 6 يونيو 2020

فريد مرازقة القيسي/انا لله

إنا... لله

كلام دار بين طبيبة و زوجها قبل ذهابها إلى عملها، إصابتها بفيروس كورونا وموتها:

قَالَتْ: " رُوَيْدَكَ إنَّ الدَّاءَ يَنْتَقِلُ
وَلَستُ أَدرِي مَتَى قَدْ تَقْتُلُ القُبَلُ
لَا تَدْنُ مِنِّي فَإنَّ الشَّكَ سَادَ دَمِي
وَلَسْتُ مَحْمِيَّةً يَا أَيُّهَا الرَّجُلُ!"
قَالَ: " الحَيَاةُ عَلَى الأَخْطَارِ قَائِمَةٌ
نَعِيشُهَا قَلَقًا لَكِنَّهَا عَسَلُ
دَعِي الأُمُورَ لِرَبِّ الكَوْنِ فَاتِنَتِي
وَلْتَجْعَلِي يَوْمَنَا بِالعِشْقِ يَكْتَمِلُ"
فِي بَطْنِهَا الطِّفْلُ يَدْرِي مَا سَيَخْطِفُهَا
وَلَيْتَ يُخْبِرُهَا، مَا الصَّمْتُ يُحْتَمَلُ
"أُمَّاهُ ! إنِّي أَرَى فِي وَحْدَتِي مُقَلًا
بَيْضَاءَ! مَا خَطْبُهَا تَبْكِيكِ ذِي المُقَلُ؟
أُخْتَاهُ! قُولِي لَهَا إنِّي أُخَاطِبُهَا
مَا اسْطَعْتُ إخْبَارَهَا صَمْتًا فَمَا العَمَلُ؟
قُولِي لَهَا: سَوْفَ نَمْضِي للجِنَانِ مَعًا
وَ سَوْفَ يَذْكُرُنَا مِنْ حُزْنِهِ الطَّلَلُ"
لَمْ تَفْهَمِ البِنتُ قَوْلًا مِنْ برَاءَتِهَا
أَيَعْرِفُ الخَوْفَ مَنْ فِي قَلْبِهِ أَمَلُ؟
قَالَتْ لِوَالِدِهَا بَعْدَ الغَدَاءِ: " أَبِي
هَلْ سَوَفَ يَقْتُلُنَا ذَاكَ الَّذِي نَقَلُوا؟
سَمِعْتُ أَنَّ (جُنُودَ الطِّبِّ) مُعْظَمَهُمْ
مَعَرَّضُونَ فَهَلْ قَدْ يَحْضُرُ الأَجَلُ
أَخَافُ فَقْدَ حَنَانِ الأُمِّ حِينَئِذٍ
لَا يَنْفَعُ الدَّمْعُ إنْ غَابَتْ وَ لَا الحِيَلُ)
(بُنَيَّتِي! اللَّهُ مِنْ ذَا الدَّاءِ يَحْفَظُهَا)
       يَقُولُ مَنْ قَلْبُهُ فِي صَدْرِهِ وَجِلُ
(صَغِيرَتِي لَا تَقُولِي ذَا لِأُمِّكُمَا
      بَلْ عَانِقِيهَا وَقُولِي "نِعْمَ ذَا العَمَلُ"
وَلْنَدْعُ رَبَّ الدُّنَا فَاللَّهُ رَحْمَتُهُ
     تُخَفِّفُ الحِمْلَ مَهْمَا قَدْ طَغَى الثِّقَلُ
وَقَّبِّلِيهَا وَضُمِّي حِينَ عَوْدَتِهَا
        لِأَنَّ للحُبِّ كُلُّ الدَّاءِ يَمْتَثِلُ)
فِي الإنتظَارِ يَدُقُّ الوَقْتُ سَاعَتَهُ
         وَلَمْ تَعُدْ أُمُّهَا، مَا الأمرُ مُحْتَمَلُ
رَنَّ الَّذِي يَنْقُلُ الأَحْزَانَ فِي خَجَلٍ
   مَنْ ذَا الَّذِي بَعْدَ هَذَا الشَّوْقِ يَتَصِلُ؟
(أَلُو! مَنْ مَعِي ؟) قَالَتْ وَفِي نَهَمٍ
        تَظُنُّ أَنَّ سِتَارَ الشَّوْقِ يَنْسَدِلُ
(إنَّا...) وَ لَمْ يُكْمِلِ الرَّنَانُ جُمْلَتَهُ
       حَتَّى بَكَتْ حُمَمًا مِنْ حُزْنِهَا الجُمَلُ
(رَبَّاهُ!) قَالَ الَّذِي قَدْ كَانَ يَسْمَعُهَا
      رَبِّي!  مَضَتْ وَالأَسَى فِي مُضْغَتِي جَلَلُ
رُحْمَاكَ رَبِّي فَإنَّ الدَّمعَ أَغْرَقَنِي
      وَالطِّفْلُ فِي بَطْنِهَا أَوْدَتْ بِهِ عِلَلُ
مَا الحُزْنُ يَرْحَمُ فِي الدُنْيَا مُلَازِمَهُ
       وَلَيْسَ تَرْحَمُنِي فِي حُزْنِيَ المُقَلُ
إنَّا لِرَبِّي فَصَبْرًا يَا ابنَتِي فَلَهَا
       شَهَادَةٌ مَا لَهَا فِي كَوْنِنَا مَثَلُ

فريد مرازقة القيسي
06 جوان 2020

مرفوعة لروح الطبيبة (بوديسة)  التي توفيت و هي حامل في شهرها السابع بعد إصابتها بفيروس كورونا. 
حتى لا ننسى معاناة الملائكة.

ملاحظة : فيديو القصيدة سيكون حاضرا في الأيام القليلة القادمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق