السبت، 30 سبتمبر 2017

قصيدة: " زيت فلسطيني بلا زعتر" –
شعر د. أحمد محمود - الإثنين 11 سبتمبر، 2017
(6)
ها قد جاءكم يراعي مرة أخرى
يحمل في يده ريشة ترسم اللوحات والصور
حمدت الله وشكرته كثيراً
لأنني على الأقل وجدت شيئاً أفطر
وشكرت رفيقة دربي على تعبها وجهدها
وعلى تجهيزها الإفطار صبيحة كل يوم يمر
هكذا الحياة تدوم في رحلة العمر
وهكذا تبقى على طول المدى وتستمر
الحمد لله الذي أطعمني وسقاني
من ملح الأرض ومن خبز فلسطين الأسمر
يكفي أن طعمه من مذاق أناملها
معبق بالحناء، والمسك والعنبر
يكفي أن تربة موطننا الغالي
تطعمنا كل ما نشتهي من طعام أو ثمر
أنا يا إخوتي أحيا في متاهات المنفى
لا أفطر إلا من خيرات وطني من الزيت والزعتر
مللت منتوجات الغرب وصناعاته
وقاطعت كل ما يصنع من عدوي الأكبر
أفتش في باحة منزلنا عن شيء آكله
وأهوى ما تعده أمي وزوجتي من الحقل الأخضر
قاطعوا يا إخوتي منتوجات عدونا الغاصب المتجبر
وتشبثوا بكل ما هو فلسطيني المصدر
أعشق طعام زوجتي الشهي والمبهر
هي تعد كل شيءٍ بمفردها
وأنا لا أساعدها! فلم أتذمر؟!
أعينها عندما تطلب مني مساعدتها
وأوفر لها ما تطلب مني وتأمر
لا يزعجني أبداً أن أزيل غمامتها وتكدرها
ووقوفي معها لا يحدث أي ضير أو ضرر
إن احترقت طبخة أو شاط طعمها
هل يحق لي أن أتمتم أو أبربر؟؟!!
لا يجوز لي أن أعاتبها
ولا يحق لي أن أتنمر
ألا يكفي أنني عند سباتي ليلاً
أقضي طوال الليل أشخر؟!
أملأ زوايا البيت ضجيجاً
وعزفاً على القيثار وأزمجر؟!
هي دائماً صابرة بلا تذمر
تنصت إلى عزف الموسيقى وكأنه مهرجان أكبر
أملأ الكون هرجاً ومرجاً
وهي تتقلب على نغمات التزمير
تروح يميناً وتجيء شمالاً
وتصغي جلياً لبرامج التشخير
أبداً، أبداً لا تقاطعني أثناء نومي
عندما أعزف على أوتار الشهيق والزفير
فلسطينية العينين من قمم الجليل الأعلى
يخلو صوتها من الهدير والصفير
إن غضيت أو ثارت فإن عتابها
لا يعلو أبداً عن صوت العصافير
قمحية البشرة، واليدين، والوجنتين،والنجدين
"ترشحاوية" المقا، والخدين والأسارير
تذكرني بموطني كلما لمحتها
ويهب منها نسيم الصبح كماء الغدير
حديثها همسات ونسمات فلسطينية العبير
يفوح منها شذى الرياحين والعطور
يراعة ساكنة إن مرت أمامي
تدفقت على شفتي هبات أنسام الحرير
نفحات آتية من ساقية فلسطينية البخور
خفقت لها جوارحي بالبهجة والسرور
وكأنني في بستان في بلدتي لا يبور
مغروس بالسوسن، والياسمين ، والزنبق والزهور
بستان فلسطيني تتراقص فيه أسراب الطيور.

بقلمي د. أحمد محمود

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق