السبت، 5 يناير 2019
قصة قصيرة بعنوان (حوار روح ومفردات قلم) .............. تدافعت الحروف تلو الحروف ببذخ ،لتروي حكاية قريبتها. تلك السيدة الغائبة الحاضرة بكل تفاصيلها للنقاءتكتمل بها كل حروف الأبجدية، للروح كبرياء تنسج من عبير ذكراهاتقاسيم أمل، وضياءلذاكرها المخلدة.... . مهما مرتها أحداث لا تستسلم وتتابع حيث بداية عمر لكل مرحلة تترك فيها بصمة وعبرة .......... قصة ليست خيال ولا حكايا غراميات..وحقائب سفر .. قصة واقعية عاصرت أيامهاتلك السيدة، وأرادت أن تكون رواية، تتداولها أجيال أفعال تستوحي منها العبر،تحبذنا لكل ارتواء يشبع حنايا الروح أنه لا مستحيل مع الأمل ..... حينما علمت أنني كاتبة جلست بجانبي ،وأنفاس متلهفة تسابق الحروف ،تجاري الكلمات ،لأحداث توالت كأنها دقائق أو بعض لحظات ،لتبدأ بسرد الحكاية من البدايات ... كانت فتاة بريعان صباها، تجذب جمالها عيون كل من يراها ،مما دفع بوالدها ليزوجها بأول من يدق بابه ليطلبها زوجة له، وتشاء الأقدار أن لا تنجب لسنين عدة . كلما حملت تسقط حملها، وهكذا استمر الحال بينهما ما بين أحزان ،وأفراح ملأت حياتها لتنتهي علاقتهما بالانفصال . تعود بيت أهلها ،وقد أرهقتها السنين ألم ،لحال ليس بيدها لكنها أيقنت هذا قدرها . يلتقيها بحفل عائلي رجل ثري يطلبها للزواج ،فيقبل والدها وتغادر معه مكان إقامته ،وخلال فترة زواجها منه تعيش نفس المأساة، ولكن هذه المرة ليست كسابقتها. حيث كانت بالنسبة له مجرد تحفة جميلة يمتلكها لسنين لتسوء الحياة بينهما ،وينفصلا ،وحينما عادت لمنزل والدها كان قد توفي وهي بقيت وحيدة تصارع أيامها بذكريات مؤلمة عاشتها لكن لم تستسلم لواقع حالها ... حيث تعلمت " الحياكة " بحرفية مبهرة، وبالنقود التي أخذتهم مهرها من زوجها الغني فتحت مشغل كبير بقريتهم، واحتوت كل فتيات الحي اللواتي أحببن العمل معها، لتصنع منهن حائكات ماهرات. ليتابعن حياتهن بقوة تجاه أية ظروف تواجههن فهي لم ترد أن يعشنّ العذاب ،والانكسار الذي كسر قلبها. لتجد نفسها بلا حول ،ولا قوة لكن بعزيمتها استطاعت أن ترسم لمسيرتها أهدافًا ،ومسارات تجدد للحياة ألوان العطاء لتسعد كل من يعاشرها... .... ليشاء القدر أن تمرض إحدى قريبات لها تعيش وحدها وتحتاج رعاية فما كان منها إلا أن رافقتها فترة مرضها واهتمت بها لتزورها بإحدى الأيام جارة لها، ومع الحوار معها تسرد قصتها لها ... فقالت لها :أنا أبحث لأخي الطبيب عن زوجة صالحة بعدما افترق هو وزجته ليعود للبلد من أبنائه، وتبقى الأم هناك لا تريد العودة ليعود وحيدًا يحمل مسؤولية جمة فأنا أبحث له لأم صالحة تعيش معهم، وتوجههم وتشارك أباهم عمره التالي بسعادة ورضى. وحينما التقيا عندها أعجب جدًا بخلقها، وإرادتها لتشاركه تربية أبناءئه ،ويتابعون دراستهم الجامعية ،ويتخرجون على يديّ تلك الأم الفاضلة فكانت لهم الحياة التي تمتلئ بالجمال وقطرات الندى التي ترطب جفاء أرواح تابعت أسير بغبطة وفرحة لأم مثالية فخر كل أنثى والسعادة تملأ حياتهم إلى أن توافي المنية زوجها ،وتعيش حياتها بحب لكل من يعرفها وتنشر الجمال كل مكان تسكنه وكأنه عالم بذاته للحب والعطاء ..... فمن كل الأموال التي ادخرتها ساهمت ببناء مسجد كبير في قريتهم ، ليبقى لها استمرار لذكراها بعد موتها، وإلى الآن لا يزال كل من يصلي به ،ويشرب من عذب مائه يقرأ لها، ويدعو بالمغفرة لتلك السيدة الفاضلة التي بعثرت أحلامها الأيام لكن أبت إلا أن يخلد اسمها كما عبير رائحة الجنة....... هكذا انهت لي تلك الصديقة حكاية قريبتها ....لتدون كلماتها بقلبي كنبض لن يفارقني لمثال وفخر السيدات العربيات.... بقلم /هيفاء البريجاوي.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق