السبت، 5 أكتوبر 2019
رضا الله في رضا الوالدين وسخط الله في سخط الوالدين ــــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي - العراق- 18-9 - 2019 نرى من على شاشات التلفزة ونقرا على صفحات التواصل الاجتماعي امر جسام تخص الوالدين مما دعاني لأن أكتب مرغما وهذا ديدن كل كاتب يتابع الأحداث ويتابع هموم الناس، ولا بد لقلمه أن يسطر ما يحسه من إحساس عبر مقال يقرأه الجميع، وقد يشارك فيه المسؤول والقراء والرأي العام، وهذا الهدف من الكتابة الاجتماعية، وما يريد الكاتب أن يوضحه للرأي العام. يزعجني ويؤرقني ويؤلمني أنا أرى كبار السن من الآباء والأمهات يقذف بهم أبناؤهم في دار العجزة أو يتركونهم بلا رعاية يهيمون في الشوارع وقد بلغ بهم الكبر والمرض مبلغا، ومنهم من فقد الذاكرة، ومنهم الكفيف، ومنهم من فقد السمع، وقد يتعرضون للأذى من ضعاف النفوس، هذا الأمر يضيق منه الصدر، فهؤلاء أوصى بهم رب العزة والجلال في آيات كثيرة حيث قال (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا)، وقال (ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها)، وقال (حملته أمه وهنا على وهن) وقال (إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما). من أعظم الأسباب لرضا الله أن يطلب المرء إرضاء والديه أباه وأمه، ومن أعظم الأسباب الموجبة لمقت الله وسخطه إسخاط الوالدين، وإرضاء ما يكون بأداء حقهما، والبر بهما، والإحسان إليهما، والتودد إليهما، وبذل المعروف لهما، والقيام بخدمتهما، وأداء حقوقهما والسعي في تحصيل رضاهما وكسب ذلك، وأما السخط فيكون في معصيتهما، إسخاط الوالد يكون في معصيتهما، وفي ترك طاعتهما، وفي التقصير في قضاء حوائجهما وأداء حُقوقهِما والقيام بالعِناية بهما وبشُئوُنِهما فإنّ هذا مِمَّا يُسخِطُهما فإذا سخِطا حلّ بك أيُّها العبدُ سخَطُ الله -عياذا بالله- من ذلك. فاحرِص على البُعدِ عن مسَاخِط الله وعلى سُلوك الطّريق الذي يؤَدِّي بك إلى رِضَا الله -تبارك وتعالى- ومن وُفِّق لإرضاء والديه فقد وُفِّق لخيرٍ كثير، ومن نِعم الله -تبارك وتعالى- عليك أن يمنَّ عليك بالوالِدين يُمتِّعك بوجُودِهما فتَكسِب بسبَبِهِما الخير العظيم، فمن رُزِق بقاء الوالِدين وأدرك ذلك ولم يقُم بحقِّهما ولم يُدخِلاهُ الجنّة فهو المحرُوم -عِياذًا بالله- من ذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم (رضا الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين)، وقال: (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين)، وهناك أحاديث كثيرة في بر الوالدين. وعندما يكون الأبوان شابين فمن السهل جدا برهما، ولكن عندما يبلغان من الكبر عتيا فهما في حاجة أكثر لك لمتابعتهما وتحملهما.. لم يَتوقَّفِ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن مُتابَعَةِ الْوَصايا لأصْحابِه رضِيَ اللهُ عنهم؛ حتى يُوصِلَهم إلى رِضا اللهِ عزَّ وجلَّ ويُبعِدَهم عن سَخَطِه وعِقابِه؛ وليَفوزوا بالدُّنْيا والآخِرَةِ. وفي هذا الحديثِ بعضُ وَصاياه العَظيمةِ، حيث يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "رِضا اللهِ في رِضا الوالدَيْنِ"، أي: إرضاءُ الوالديْنِ سَبيلٌ لرِضا اللهِ عزَّ وجلَّ؛ فيَعْفو ويَغْفِرُ له؛ وذلك بالإحْسانِ إليهما، والقيامِ بِخْدِمَتِهما، وتَرْكِ عُقُوقِهما، حتى يَرْضَيا عن ابنِهِما، شَريطةَ أنْ تكونَ الطاعَةُ التي يتحصَّلُ بها الابنُ على رِضا الوالدَيْنِ فيما يُرْضي اللهَ عزَّ وجلَّ لا فيما يُسخِطُه؛ لأنَّه لا طاعَةَ لمَخْلوقٍ في مَعْصيَةِ الخالِقِ؛ قال تَعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِه عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15]، "وسَخَطُ اللهِ في سَخَطِ الوالدَيْنِ" وذلك إذا أساءَ المَرْءُ إلى والدَيْهِ بالقَوْلِ أو الفِعْلِ، وحقُّ الوالدَيْنِ يأتي بعدَ حَقِّ اللهِ عَزَّ وجَلَّ؛ كما قال تَعالَى: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} [لقمان: 14]، وحُصولُ رِضا اللهِ يكونُ بالفوْزِ بالنَّعيمِ المُقيمِ في الجَنَّةِ، والقُربِ من الله الرَّحيمِ الرَّحْمنِ؛ ولذلك يُقدَّمُ رِضاهما على فِعلِ ما يَجِبُ على المرْءِ من فُروضِ الكِفايَةِ. وهذا من رَحْمةِ اللهِ بالوالدَيْنِ والأَوْلادِ؛ إذ بين الطرفيْنِ ارْتِباطٌ وَثيقٌ، والإِحْسانُ يَبْدَأُ من الوالدَيْنِ، وهو لا يُساويهِ إِحْسانُ أحَدٍ من الخَلْقِ، ومعَ التَّربيةِ وسَدِّ حاجَةِ الأوْلادِ الدِّينيَّةِ والدُّنْيويَّةِ والقيامِ بهذا الحَقِّ المُتأكَّدِ؛ فيَجِبُ على الأبناءِ الوَفاءُ بالحَقِّ، اكتسابًا للثَّوابِ، وتَعْليمًا لذُرِّيَّتِهم أن يُعامِلُوهم بما عامَلوا به والدَيْهم
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق